الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في أداء الصلوات وما يلزم المصلي في صلاته

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك: لا يعجبني أن يتكئ الرجل على حائط في المكتوبة، ولا بأس به في النافلة .

                                                                                                                                                                                        يريد: فيما طال من النوافل، ولا ينبغي ذلك اختيارا، وأرى أن يلزم المصلي الخشوع والإخبات; لقول الله -عز وجل-: الذين هم في صلاتهم خاشعون [المؤمنون: 2] ، قيل: غض البصر، وخفض الجناح، وحزن القلب .

                                                                                                                                                                                        واستحب بعض أهل العلم إذا كان قائما أن يجعل بصره موضع سجوده لأنه فيه ضرب من الخشوع واستشعار الحياء ممن وقف بين يديه سبحانه وتعالى علوا كبيرا.

                                                                                                                                                                                        ويكره أن يرفع بصره إلى السماء وهو في الصلاة; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟ ثم قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم" أخرجه البخاري ومسلم .

                                                                                                                                                                                        ويكره أن يتلثم ، وكره ابن عمر تغطية اللحية وقال: هي من الوجه.

                                                                                                                                                                                        واختلف في وضع اليمنى على اليسرى إذا كان قائما، فقال مالك في [ ص: 296 ] المدونة: لا أعرف ذلك في الفريضة ولكن في النوافل، إذا طال القيام فلا بأس يعين بذلك نفسه .

                                                                                                                                                                                        وقال في العتبية: لا أرى به بأسا في المكتوبة والنافلة .

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن; للثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البخاري ومسلم في ذلك .

                                                                                                                                                                                        ولأنها وقفة الذليل والعبد لمولاه.

                                                                                                                                                                                        قال ابن حبيب : وليس لكونهما من الجسد حد . وقيل: يجعلهما حذو صدره لقول الله -عز وجل-: فصل لربك وانحر [الكوثر: 2] أن يجعلهما حذو نحره. وقيل في كراهية ذلك; خيفة أن يظهر بجوارحه من الخشوع ما لم يضمره بقلبه ، وروي عن أبي هريرة أنه قال: أعوذ بالله من خشوع النفاق. قيل: وما خشوع النفاق ؟ قال: أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع .

                                                                                                                                                                                        ويكره أن يجعل يديه حينئذ في خصره، وفي البخاري النهي عن ذلك . [ ص: 297 ]

                                                                                                                                                                                        ولا يتكئ على حائط، فإن فعل وكان الاتكاء خفيفا- لم تفسد صلاته، وإن كان كثيرا; لو أزيل الحائط لسقط المصلي لكان كمن ترك القيام، فإن كان عامدا غير جاهل أبطل صلاته إن كان في فرض، وإن كان سهوا أعاد تلك الركعة، وقد يقال: تجزئه; للاختلاف في القيام في الصلاة هل هو فرض، وإن كان في نفل أجزأته صلاته سهوا كان أو عمدا .

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يقرن قدميه، فكره مالك ذلك في المدونة وقال: كان في المدينة من يفعله فعيب عليه .

                                                                                                                                                                                        وله في مختصر ما ليس في المختصر عكس ذلك فقال: تفريق القدمين في الصلاة من عيب الصلاة.

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا: إلصاق القدم بالقدم في الصلاة والتفريق بينهما في الصلاة واسع على قدر ما تيسر.

                                                                                                                                                                                        ولا يضع رجلا على رجل، ولا يعبث المصلي بلحيته ولا بخاتمه، وقيل: لا بأس أن يحوله في أصابعه كلها بعد ركوعه خوف السهو .

                                                                                                                                                                                        ويكره أن يكون لباسه ما يشغله النظر إليه بأعلام أو غيرها.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية