الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في ما يعتصر من الهبات

                                                                                                                                                                                        الاعتصار يصح في الهبات دون الصدقات ، ويراعى في الاعتصار أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                        أحدها : من له الاعتصار من أب أو أم أو جد .

                                                                                                                                                                                        والثاني : هل يعتصر بعد فوتها؟

                                                                                                                                                                                        والثالث : ما يتعلق بها من حق لغير الموهوب له من غريم أو زوج أو زوجة؟

                                                                                                                                                                                        والرابع : الوقت الذي يعتصر فيه من الصحة والمرض ، فإن كانت الهبة من الأب ، والابن غني وهي قائمة ، ولم يتعلق بها حق لغريم أو زوج أو زوجة والمعطي والمعطى صحيحان ، جاز الاعتصار ، فهذه جملة متفق عليها .

                                                                                                                                                                                        والاعتصار يصح من الأب ، واختلف في الأم والجد والجدة ، فقال مالك وابن القاسم : للأم أن تعتصر .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب : إن حازها الأب لم تعتصر; لأنها لا تعتصر ما ولايته إلى غيرها . [ ص: 3525 ]

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن لم يكن له أب ولم يكن في ولايتها ، وإنما يرى ذلك لها إذا لم تخرج العطية عن يدها والولد في ولايتها .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لأن الأب يعتصر ما وهب لولده الكبير بعد قبضه منه ، وأما الجد والجدة فروى ابن القاسم عن مالك أنهما لا يعتصران ، وروى عنه أشهب في كتاب محمد أن ذلك لهما; قال : لأنه يقع عليهما اسم أب ويدخل في مجمل الحديث . ووجه الأول أن الهبة انتقلت إلى ملك الموهوب له بالقبض ، فلا يزال ذلك إلا بنص لا شك فيه أو إجماع . [ ص: 3526 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية