الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في من استأجر عبدا ليعمل له عملا هل يستعمله في غيره أو يسافر به أو يستعمل بالليل؟

                                                                                                                                                                                        ومن "المدونة" قال: ومن استأجر أجيرا لعمل فأراد أن يستعمله في غيره من جنس الأول وفي مثل مشقته جاز وإن لم يرض الأجير. وإن لم يكن من جنسه لم يجز. واختلف إذا رضي، فأجازه ابن القاسم إذا كان يسيرا، وأجازه ابن حبيب في الكثير، ومنعه سحنون وإن قل.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يجوز وإن كثر; لأن منافع المعين كالسلعة المعينة، ولو كانت كالشيء المضمون لم يجز أن يستأجر بدين; لأنه يكون دينا بدين. واختلف إذا أراد أن يجعل غيره يعمل مكانه. فقال ابن القاسم في من استأجر أجيرا يرعى له غنما فأتى الراعي بمن يرعى مكانه لم يجز; لأن صاحب الغنم إنما رضي أمانة الأول وجزاءه وكفايته. فجعل المنع من مقال صاحب الغنم، قال ابن حبيب: فإن رضي جاز، وقال سحنون: لا يجوز وإن رضي. وهذا من الأصل الأول، والجواز أصوب; لأن المنافع ليست كالدين.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إن حول العبد في عمل آخر بغير رضى سيده فعطب لم يضمنه إلا أن يكون ذلك العمل مما يعطب في مثله، وقال سحنون: يضمنه. والأول أحسن إذا لم يكن ذلك من سبب العمل; لأنه لم ينقل الرقبة فيضمنها بالنقل ولا أتى من سبب العمل. [ ص: 4981 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية