الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن تجب الجمعة بحضوره من أصحاب الأعذار]

                                                                                                                                                                                        وإذا سقطت الجمعة عمن تقدم ذكره من صاحب عذر من مرض أو غيره أو صبي أو امرأة أو عبد أو مسافر - فإنهم إذا حضروها على ثلاثة أصناف:

                                                                                                                                                                                        - فصنف إذا حضر تجب عليهم وتجب بهم على غيرهم وهم أصحاب الأعذار من الرجال الأحرار، فإذا حضروا وجبت عليهم لوجوبها قبل العذر، فإذا لم يكن في عدد من سواهم من تجب عليهم الجمعة إلا بإضافتهم إليهم وجبت عليهم. [ ص: 558 ]

                                                                                                                                                                                        - وصنف لا تجب عليهم مع حضورهم ولا تنعقد، وهم الصبيان.

                                                                                                                                                                                        - وصنف لا تجب عليهم، واختلف هل تنعقد بهم؟ وهم النساء والعبيد والمسافرون، فقال أشهب: إذا نفر الناس عن الإمام ولم يبق معه إلا عبيد - صلى بهم الجمعة، وكذلك إذا لم يبق معه إلا النساء وليس معهن رجل - فإنه يصلي بهن ركعتين. قال: وليس بين العبيد والنساء اختلاف، وكذلك على أصله إذا لم يبق معه إلا المسافرون.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: لا يجمع إلا أن يبقى معه من الرجال الأحرار جماعة دون العبيد والمسافرين والنساء، وينتظرهم إذا كان يطمع برجوعهم حتى لا يبقى من النهار إلا قدر ما تصلى فيه وركعة من العصر.

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا هربوا عنه بعد أن صلى بهم ركعة أو ركعتين وقبل أن يسلم، فقال ابن القاسم وسحنون: لا تصح له جمعة.

                                                                                                                                                                                        وإن كان قد صلى ركعة أضاف إليها أخرى، ولو صلى الإمام بهم ركعة، ثم نفر هو عنهم- أبطل عليهم عند ابن القاسم، ولم تبطل على قول أشهب.

                                                                                                                                                                                        وقد قال أشهب في مدونته في إمام أحدث متعمدا وهو يتشهد: يقدم القوم رجلا منهم فيسلم بهم ويتوضأ هو ويعيد الصلاة; لأن تحليل الصلاة [ ص: 559 ] السلام، فمن لم يسلم لم يقض صلاته.

                                                                                                                                                                                        فلم ير أنه أبطل عليهم الماضي من صلاتهم وهم فيه على حكم الجماعة قبل أن تبطل على نفسه، ولهذا قال: إذا هربوا عنه بعد ركعة أنه تصح له جمعة; لأن إبطالهم التمادي لا يبطل عليهم ما قد صلى بهم، وبقيت له ركعة على حكم الجماعة، كما إذا أبطل هو صلاته لا تبطل عليهم، وقد تقدم في كتاب الوضوء إذا صلى بهم وهو جنب: تجزئهم الجمعة؟

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية