الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الأسباب التي تنقض الطهارة

                                                                                                                                                                                        ينقض الطهارة الصغرى ثلاثة:

                                                                                                                                                                                        أحدها: ما يخرج من أحد السبيلين، كالبول، والمذي، والودي، والريح، والغائط .

                                                                                                                                                                                        والثاني: النوم وما في معناه مما يذهب العقل، كالجنون، والإغماء ، والسكر.

                                                                                                                                                                                        والثالث: اللذة إذا قارنها مس من قبلة أو ملامسة أو مباشرة، أو مس ذكر.

                                                                                                                                                                                        والأصل في الغائط قول الله -عز وجل-: أو جاء أحد منكم من الغائط [المائدة: 6]. وفي الريح حديث عباد بن تميم عن عمه قال: شكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: " لا ينفتل -أو لا ينصرف- حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" .

                                                                                                                                                                                        وفي المذي حديث المقداد - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يدنو من امرأته [ ص: 74 ] فيمذي، قال: " منه الوضوء" . أخرج هذين الحديثين "البخاري ومسلم.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن سحنون: الوضوء من البول والريح سنة. يريد أنه فرض بالسنة بما تلقته الأمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزل فيه قرآن يتلى.

                                                                                                                                                                                        وقيل: هو فرض بالقرآن وداخل في قوله تعالى: أو جاء أحد منكم من الغائط [المائدة: 6]; لأن من ذهب إلى الغائط -وهو المكان المطمئن من الأرض- تكون منه هذه الأحداث الثلاثة. وهذا غير صحيح لوجوه ثلاثة:

                                                                                                                                                                                        أحدها: أن العرب لم تكن تأتي الغائط للبول والريح، وإذا كان ذلك كان الصواب حمل الآية على ما كانت العرب تقصده هنالك.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أن هذين لم تسمهما العرب الغائط، وألزموا ذلك الاسم ما سواهما، ولذلك سموه نجوا; لأنهم كانوا يستترون لذلك بالنجوة، وهو المكان المرتفع من الأرض، ولم يسموا البول والريح نجوا.

                                                                                                                                                                                        والثالث: أنه إذا كان الغائط، وهو المكان المنخفض من الأرض إنما يقصد لغير البول والريح، كان المقصود بالآية ما كان يؤتى ذلك المكان له، وإن كان يكون في خلال ذلك غيره.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية