الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: وعلى من رأى الهلال أن يصوم صبيحة تلك الليلة

                                                                                                                                                                                        وعلى من رأى هلال رمضان أن يصوم صبيحة تلك الليلة وإن لم يره غيره، وإن أفطر هو كان عليه القضاء والكفارة، إلا أن يكون متأولا ويظن أنه لا يلزمه الصوم برؤيته بانفراده، وإن رأى هلال شوال بيت الفطر، وأفطر إن كان في سفر يقصر في مثله، وإن كان لا يقصر في مثله مع جماعة أمسك عن الأكل، وإن كان وحده أفطر، وإن كان في حضر أمسك.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في الموطأ: لا يأكل; لأن الناس يتهمون أن يفطر من ليس بمأمون، ويقول أولئك إذا ظهر عليهم: قد رأينا الهلال، وهذا منه على وجه الاحتياط، وإن خفي له أكل.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في الزوجين يشهد عليهما بطلاق الثلاث وهما يعلمان أنهما شهدا بزور فقيل: لا بأس أن يصيبها إذا خفي له، فما يكون من واحد وهو الأكل أخفى مما يكون بين اثنين وهو الوطء.

                                                                                                                                                                                        قال أشهب: إذا ظهر على من يأكل ذلك اليوم وقال: رأيت الهلال، عوقب إذا كان غير مأمون، إلا أن يكون ذكر ذلك قبل، وأذاعه، وإن كان مأمونا لم يعاقب، وقدم إليه ألا يعاود، فإن فعل عوقب، إلا أن يكون من أهل [ ص: 730 ] الدين والرضا فلا يعاقب، ويغلظ عليه في الموعظة.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رضي الله عنه-: وإذا رأى هلال ذي الحجة وحده كان عليه أن يقف وحده على رؤيته، وعلى من رأى الهلال أن يرفع ذلك إلى الإمام إذا كان الرائي عدلا، واختلف في غير العدل، فقال أشهب: إن لم يكن منكشفا، وأشبه أن تقبل شهادته، كان عليه أن يرفع، وإن كان منكشفا، فأحب ذلك له، وليس بواجب.

                                                                                                                                                                                        وقال أبو محمد عبد الوهاب: إذا كان فاسقا، أو عبدا، أو امرأة، فليس عليه أن يعلم الإمام; لأنه يضع من نفسه لغير فائدة. والقول الأول أبين; لأنه قد يجتمع ممن لا يحكم بقوله عدد ما يقع بقولهم العلم، وأيضا فإن ذلك يؤدي إلى ظهور الشهادة; لأن كثيرا من الناس يقف عن الشهادة على الهلال؛ خوفا أن ترد شهادته لانفراده.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم: قد يأتي من رؤيته ما يشتهر حتى لا يحتاج فيه إلى الشهادة والتعديل إذا كان عددا لا يمكن فيهم التواطؤ على الباطل. [ ص: 731 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية