الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن سقط ماله ثم وجده]

                                                                                                                                                                                        ويختلف في المال يسقط من صاحبه على نحو ما تقدم إذا ورثه وعلم به، هل يستأنف حولا من يوم وجوده، أو يزكيه لعام واحد أو للأعوام؟ وهل يفترق الجواب إذا وقف على يدي عدل؟ فقال مالك في العتبية: إذا وجده صاحبه بعد سنين; زكاه لعام واحد. وقال المغيرة وسحنون: يزكيه لكل عام. وقال ابن حبيب: يستأنف حولا إذا كان صاحبه منقطع الرجاء منه; لأنه ضمار، ولا زكاة في الضمار، وهذا إذا حبسه لصاحبه.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا حبسه الملتقط لنفسه بعد الحول، ولم يحركه حتى أتى صاحبه، فقال مالك في كتاب محمد: يزكيه ملتقطه لحول من يوم نوى ذلك، ويزكيها صاحبها لعام، وإن أقامت بعد ذلك أعواما. وقال ابن القاسم في المجموعة: لا زكاة عليه إذا لم يحركها وإن نوى حبسها لنفسه للحديث، [ ص: 919 ] والأول أبين; لأنها صارت دينا عليه.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن دفن مالا ثم ذهب عنه موضعه، ثم وجده بعد أعوام، فقال مالك في كتاب محمد: يزكيه لماضي السنين. وقال محمد بن المواز: إن دفنه في صحراء، أو في موضع لا يحاط به- فهو كالمغصوب، والضائع، وأما البيت والموضع الذي يحاط به; فيزكيه لكل سنة. وعكس ابن حبيب الجواب فقال: إن دفنه في صحراء; زكاه لماضي السنين; لأنه عرضه للتلف لما دفنه بموضع يخفى عليه، وإن كان بموضع لا يخفى عليه; لم يزكه للأعوام.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: وأرى أن يزكيه لتلك الأعوام، وسواء كان دفنه في بيته، أو في صحراء، وقد تقدم وجه ذلك.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية