الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في زكاة معادن الذهب والفضة

                                                                                                                                                                                        الزكاة تجب في معادن الذهب ، والفضة دون معادن النحاس ، والحديد ، والرصاص . وذلك بأربعة شروط : أن يؤخذ من معدن واحد ونيل واحد عشرون دينارا ، أو مائتا درهم بعد الكلفة والمؤنة .

                                                                                                                                                                                        واختلف فيما نيل من المعدن بغير كلفة ، أو كلفة يسيرة على ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                        فقيل : يخمس . وقيل : يزكى . وقيل : إن كان له قدر خمس خمس .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المدونة في الندرة توجد في المعدن من غير كبير عمل : تخمس . وقال في كتاب ابن سحنون : تزكى . وظاهر قوله في كتاب محمد : أنها تخمس إذا كانت كثيرة . وقال أيضا في كتاب ابن سحنون في الركاز : لا يخمس إذا كان قليلا ، فعلى هذا لا تخمس الندرة إذا كانت قليلة ، وليست بأعلى رتبة من الركاز ، وإذا لم تخمس ضمها إلى ما أصاب في المعدن ، وجرت على حكم الزكاة .

                                                                                                                                                                                        ومحمل قوله : إنها تخمس ؛ إذا لم يصب سواها ، وإن أصاب غيرها وكان إن [ ص: 954 ] أضيفت الندرة إليه ؛ بلغ نصابا ، وإذا لم تضف ؛ لم يكن في الباقي نصاب ، أجري أمرهما على ما هو أكثر للمساكين من خمس الندرة ، أو ربع عشر الجميع ، هذا على تسليم القول : إنها تخمس . والقول : إنها تزكى ، أحسن ؛ لأن الخمس في الركاز ، وهذا معدن .

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون : والركاز هو دفن الجاهلية ، فيؤخذ [منه الخمس ، لقوله -عز وجل-] : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [الأنفال : 41] ، وإذا انقطع نيل المعدن ، ثم حفر وأدرك نيلا آخرة لم يضف إلى الأول . ويعتبر نيل كل واحد بانفراده ، فما كان منه نصابا ؛ زكي .

                                                                                                                                                                                        وأما المعدنان ، فاختلف إن ابتدأ في عمل أحدهما ، فلم ينقطع نيله حتى عمل في الآخر وأدرك نيلا ، فقال سحنون : لا يضافان . [ ص: 955 ]

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن مسلمة : يضافان . وإن وجد في معدن أوقيتين ، ثم استأنف العمل في ثان ونيل الأول قائم ، فوجد فيه أيضا أوقيتين ، ثم انقطع نيله ، ثم عاد إلى الأول فأخذ منه أوقية أو أوقيتين- زكاهما جميعا ؛ لأنهما خمس أواق .

                                                                                                                                                                                        قال : وإن كان له تسعة عشر دينارا ، فحال عليها الحول ، وأصاب في معدن دينارا- فإنه يزكي العشرين .

                                                                                                                                                                                        وعلى قول سحنون ؛ لا زكاة عليه في هذه العشرين قياسا على قوله في المعدنين .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية