الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب القول في الركاز

                                                                                                                                                                                        قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "وفي الركاز الخمس" .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : يعتبر في الركاز خمسة أوجه : جنسه . هل هو عين أو عرض ؟ وقدره . وهل يكلف فيه عمل ؟ . والموضع الذي وجد فيه هل هو فلاة أو مملوك ؟ . وهل وجده مسلم أو كافر ؟ .

                                                                                                                                                                                        فإن كان عينا وله قدر ، ولم يتكلف فيه كبير عمل- خمس قولا واحدا .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان عرضا ، أو عينا لا قدر له ، أو له قدر وقد تكلف فيه المؤنة ، فقال مالك مرة : إذا كان جوهرا ، أو لؤلؤا ، أو حديدا ، أو نحاسا- يخمس .

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا : لا خمس فيه . وقال مالك في المدونة : إذا كان عينا ، وكان يسيرا ؛ خمس . [ ص: 961 ]

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب ابن سحنون : لا خمس فيه . واختلف عنه إذا أدركه بعد الكلفة والمؤنة ، فقال : يخمس .

                                                                                                                                                                                        وقال في الموطأ ، والمدونة : سمعت أهل العلم يقولون في الركاز : إنما هو دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ، ولم يتكلف فيه كبير عمل ، وأما ما طلب بمال أو تكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة- فليس بركاز . قال مالك : وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : الصواب أن يخمس العين ، والجوهر ، والعروض والقليل والكثير ، وما تكلف فيه العمل لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "وفي الركاز الخمس" ولم يفرق ، وقياسا على المغانم أنها تخمس ، العين ، والعروض ، والقليل والكثير ، وإن تكلف فيه القتال . وقد قال سحنون في الركاز : دفن الجاهلية ، وفيه الخمس لقول الله -عز وجل- : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [الأنفال : 41] ، وما وجد على البحر من تماثيل الذهب والفضة- خمس . وما وجد من ترابها ، وليس بمعدن فغسل فوجد فيه الذهب والفضة- خمس إن كان يتكلف من ذلك العمل اليسير ويختلف فيه إذا [ ص: 962 ] كان ما له قدر ، وفيه مشقة . ومحمل قوله في كتاب اللقطة ، أنه يزكى ، ولا يخمس على أنه تعظم فيه التكلف .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية