الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما يفعله من دخل المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -]

                                                                                                                                                                                        ويبتدئ من دخل المسجد الحرام باستلام الركن ، ثم الطواف . وذلك تحية ذلك المسجد ، ولا يبتدئ بالركوع . ويبتدئ في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بركعتين تحية المسجد قبل أن يأتي القبر ويسلم ، وهذا قول مالك وقال ابن حبيب : يقول إذا دخل : بسم الله ، والسلام على رسول الله . يريد : أن يبتدئ بالسلام من موضعه ، ثم يركع . ولو كان دخوله من الباب الذي بناحية القبر ، ومروره عليه فوقف فسلم ، ثم تمادى إلى موضع قريب فصلى فيه- لم يكن ضيقا . ويستلم من الأركان الأسود واليماني ، ولا يستلم اللذين يليان الحجر ؛ لأن البيت لم يتم من هناك على قواعد إبراهيم عليه السلام . وقد كان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - أعاد ذلك الموضع على قواعد إبراهيم - عليه السلام - ، واستلمهما ، ثم أزال ذلك الحجاج ، وأعاده على ما كان عليه قبل ، فلم يستلما .

                                                                                                                                                                                        ويستلم الحجر الأسود بالفم ، فإن لم يستطع لزحام أو غيره فباليد .

                                                                                                                                                                                        واختلف في تقبيل اليد ، فقال مالك في المدونة : لا يقبل . وقال في [ ص: 1177 ] مختصر ما ليس في المختصر : يقبل . وقال أشهب : إن قبل يده فحسن . ويستلم اليماني باليد لا بالفم . واختلف في تقبيل اليد ، فقال في المدونة : لا يقبلها . وقال في كتاب محمد : يقبل . وهو أحسن في الموضعين جميعا ، لحديث أبي الطفيل - رضي الله عنه - ، قال : "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت راكبا ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن" . أخرجه مسلم .

                                                                                                                                                                                        وإذا جاز أن يقبل المحجن عند الحاجة لليد جاز أن يقبل اليد التي يجتمع بها . وقال مالك في المجموعة : إذا استقبل الركن حمد الله وكبر . وقال ابن حبيب يقول عند استلامه : بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيمانا بك ، وتصديقا لما جاء به محمد نبيك .

                                                                                                                                                                                        وأنكر ذلك مالك في المدونة ، وقال : يكبر ويمضي . ومن لم يقدر على الاستلام فإنه لا يدع التكبير ، ويستلم في أول شوط ، وليس عليه بعد ذلك في بقية الأشواط شيء ، إلا أن يشاء . وكذلك إذا فرغ من الطواف وأراد الركوع فليس عليه أن يعود إلى الاستلام ، فإن ركع ثم أراد الخروج إلى السعي عاد فاستلم . وإن طاف بعد ذلك تطوعا ابتدأ بالاستلام ، ولا بأس أن يستلم من ليس في طواف . وكره مالك أن يضع الخدين على الحجر . [ ص: 1178 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية