الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في لباس المحرم]

                                                                                                                                                                                        قال مالك : ولا بأس أن يبدل المحرم ثيابه ، وأن يبيعها . واختلف في تغطية الرجل وجهه ، وفي القفازين للمرأة وفي الخاتم للرجل وفي السوارين ، وتقلد السيف وشد المنطقة اختيارا ، وما شابه ذلك ، كالعصائب : فمنع تغطية الوجه في المدونة ، وقال : إن فعل فعليه الفدية . وقال أبو مصعب وأبو الحسن [ ص: 1290 ] ابن القصار وأبو محمد عبد الوهاب : لا شيء عليه . والأول أحسن ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي وقصت به راحلته : "لا تخمروا وجهه" ذكره مسلم ، ولأن المرأة أحق بالستر ، فقد أمرت ألا تستر وجهها ، ويلزم على القول أن ليس ذلك على الرجل : أن يكون لها أن تستر وجهها .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في المرأة : لا تلبس القفازين ، فإن فعلت افتدت . فقال ابن حبيب : لا أبلغ بها الفدية لما جاء فيهما من الرخصة عن عائشة .

                                                                                                                                                                                        والمنع أحسن للحديث وقد تقدم .

                                                                                                                                                                                        ويجوز لبس الخاتم والسوار والعصائب للمرأة ؛ لأن لباس المخيط يجوز لها .

                                                                                                                                                                                        واختلف في هذه الأشياء ، هل هي داخلة في معنى المخيط ، فيمنع منها الرجل ؟ فالمعروف من قوله المنع . وقال في مختصر ما ليس في المختصر : لا بأس أن يلبس المحرم الخاتم . وأجاز في الحج الأول من المدونة أن يحرم الصبي وعليه الأسورة وفي رجليه الخلاخل .

                                                                                                                                                                                        ولم يختلف المذهب أن الصبي يجرد عند الإحرام من الثياب ، ويجنب ما يجنب الكبير ، ومحمل قوله في الصبي على قوله في الخاتم للرجل . وقال أصبغ فيمن تقلد سيفا من غير حاجة إليه : يفتدي . وقال محمد : لا فدية عليه . [ ص: 1291 ]

                                                                                                                                                                                        ويختلف على هذا في لباس المنطقة اختيارا .

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن أصابه جرح فعصبه : يفتدى .

                                                                                                                                                                                        وقال في مختصر ما ليس في المختصر ، ومثله في كتاب محمد ، فيمن أصاب أصبعه شيء ، فوضع عليه حناء ، ولفها بخرقة : لا شيء عليه . وهذا أحسن في هذا الأصل ، ولا يدخل هذا في معنى النهي عن لباس المخيط .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية