الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والبيض والقيح والدم والروث والبول نجس من الحيوانات كلها .

.

التالي السابق


ثم قال المصنف: (والبيض) ، وهو معطوف على قوله: كالمني أي طاهر كطهارته لكون كل منهما مادة الحيوان، والمراد به بيض الطائر المأكول، كما هو نص الوجيز، قال الرافعي: ظاهره أن تكون الطهارة في البيض مخصوصة ببيض المأكول وفاقا وليس كذلك بل في بيض [ ص: 320 ] غير المأكول وجهان، كما في مني غير المأكول، والمراد تشبيه مني المأكول ببيض المأكول لإثبات الطهارة فيه من جهة أن كل واحد منهما أصل الحيوان المأكول لا لتخصيص الطهارة به، ولا خلاف في طهارة بيض المأكول، وزاد المصنف في الوجيز في المستثنيات الألبان من الآدمي وكل حيوان مأكول والإنفحة مع استحالتها في الباطن قيل بطهارتها لحاجة الجنين إليها، قال الرافعي: اللبن من جملة المستحيلات في الباطن إلا أن الله تعالى من علينا بألبان الحيوانات المأكولة، وجعل ذلك رفقا عظيما بالعباد، وأما غير المأكول، فإن كان نجسا فلا تخفى نجاسته منه، وإن كان طاهرا فهو إما آدمي أو غيره، أما الآدمي فلبنه طاهر; إذ لا يليق بكرامته أن يكون نشؤه على الشيء النجس، وحكي وجه آخر أنه نجس كسائر ما لا يؤكل لحمه، وأن يربى الصبي به للضرورة، وأما غير الآدمي فالمذهب نجاسة لبنه على قياس المستحيلات، وإنما خالفنا في المأكول تبعا للحم، وفي الآدمي لكرامته، وعن أبي سعيد الإصطخري أنه طاهر كالسؤر والعرق، فإذا عرفت ذلك فالمعتبر عنده في طهارة اللبن طهارة الحيوان لا كونه مأكولا، ومما يستثنى من المستحيلات الإنفحة، فأصح الوجهين طهارتها لإطباق الناس على أكل الجبن من غير إنكار، والثاني أنها نجاسة على قياس الاستحالة، فإن الإنفحة لبن مستحيل في جوف السخلة، وإنما يجري الوجهان بشرطين أحدهما أن يؤخذ من السخلة المذبوحة، فإن ماتت فهي نجسة بلا خلاف، والثاني أن لا يطعم إلا اللبن وإلا فهي نجسة بلا خلاف، ثم قال: ويجري الوجهان في بزر القز فإنه أصل الدود كالبيض أصل الطير، وأما دود القز فلا خلاف في طهارته كسائر الحيوانات، وليس المسك من جملة النجاسات، وإن قيل: إنه دم، وفي فأرته وجهان أحدهما النجاسة; لأنها جزء انفصل من حي، وأظهرهما الطهارة; لأنها تنفصل بالطبع فهو كالجنين، وموضع الخلاف ما إذا انفصلت في حياة الظبية، أما إذا انفصلت منها بعد موتها فهي نجسة كالجنين واللبن، وحكي وجه آخر أنها طاهرة كالبيض المتصلب، ثم قال المصنف: (والقيح والدم والروث والبول نجس من الحيوانات) ، أما القيح فهو الأبيض الخائر الذي لا يخالطه دم، وقد صرح النووي في الروضة بنجاسته، أما الدم والروث والبول فقد تقدم الكلام عليها قريبا .




الخدمات العلمية