الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والثاني طين الشوارع وغبار الروث في الطريق يعفى عنه مع تيقن النجاسة بقدر ما يتعذر الاحتراز عنه وهو الذي لا ينسب المتلطخ به إلى تفريط أو سقطة .

الثالث ما على أسفل الخف من نجاسة لا يخلو الطريق عنها فيعفى عنه بعد الدلك للحاجة .

التالي السابق


(والثاني طين الشوارع) جمع شارعة وهي الطريق الواضحة المسلوكة (وغبار الروث) مما تثيره الأرجل (في الطرق) فإنه كذلك يعفى عنه (مع تيقن النجاسة) في كل من الطين والغبار (بقدر ما يتعذر) أي يعسر (الاحتراز) أي المنع (عنه) لعموم البلوى، ثم بينه بقوله (وهو الذي لا ينسب المتلطخ به إلى تفريط) أي تقصير (أو سقطة) من المروءة والعدالة .

(الثالث ما على أسفل الخف) الذي يلبس من أدم وجمعه خفاف (من) الأذى أي (النجاسة) التي (لا تخلو الطرق) المسلوكة (عنها) فالمراد بالخف هنا هو الذي يلبس بدل النعلين، وهكذا كان السلف الصالح يفعلون، وهو المشاهد الآن في بلاد ما وراء النهر، وأما في غيرها من البلاد الشامية والمصرية والعراقية فإنهم يلبسون عليه سرموجة فلا يتلطخ بشيء مما ذكر; لأنها تقي عنه ذلك قال: (فيعفى عنه بعد الدلك) بيابس التراب الطاهر (للحاجة) والضرورة .

وقال الشمني في شرح النقاية: ويطهر الخف عن نجس ذي جرم بالدلك بالأرض سواء كان جرمه منه كالدم والعذرة أو من غيره كالبول الملتصق به تراب، وأيضا سواء جف ذو الجرم أو لم يجف، وهو قول أبي يوسف وعليه الأكثر، وفي النهاية وعليه الفتوى، وقال أبو حنيفة: يشترط جفاف ذي الجرم في طهارة الخف، وقال محمد وزفر: لا يطهر الخف في الرطب ولا في اليابس إلا بالغسل كالنجاسة التي لا جرم لها; لأن هذا عين تنجس بإصابة النجاسة فلا يطهر إلا بالغسل كالثوب والبدن، وروي أن محمدا رجع عن هذا القول حين رأى كثرة السرقين في طرق الري، ولأبي حنيفة وأبي يوسف ما روى أبو داود وابن حبان والحاكم، وقال على شرط مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهوره التراب، لكن أبو حنيفة يقول: إن الرطب لا يزول بالدلك فيشترط الجفاف، وعن غير ذي جرم بالغسل فقط; لأن أجزاء النجاسة تتشرب في الخف فلا تخرج منه إلا بالعصر بخلاف ذي الجرم فإنه يجذب ما في الخف من الأجزاء النجسة بجرمه إذا جف .




الخدمات العلمية