الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأن يتكلم في أثناء الوضوء وأن يلطم وجهه بالماء لطما .

وكره قوم التنشيف وقالوا الوضوء يوزن قاله سعيد بن المسيب والزهري لكن روى معاذ رضي الله عنه أنه عليه السلام مسح وجهه بطرف ثوبه وروت عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كانت له منشفة ولكن طعن في هذه الرواية عن عائشة .

التالي السابق


(و) يكره (أن يتكلم في أثناء وضوئه) بكلام [ ص: 371 ] الدنيا والبشر ، وفي فتاوى الحجة التكلم في أثناء الوضوء مكروه ، وفي الاغتسال أشد كراهة ، وفي العوارف أدب الصوفية ، وفي الوضوء حضور القلب في غسل الأعضاء سمعت بعض الصالحين يقول : إذا حضر القلب في الوضوء يحضر في الصلاة ، وإذا دخل السهو فيه دخلت الوسوسة في الصلاة (ويكره أن يلطم وجهه بالماء لطما ) تنزيها لمنافاته شرف الوجه فيلقيه برفق عليه (وكره قوم التنشف) بالخرقة في الوضوء ، وفي الغسل ، وفي القوت ، وقد كره بعض العلماء مسح الأعضاء بخرقة بعد الوضوء ، وقال : هذا نور للوجه اهـ .

(وقالوا) ، أي : القائلين بالكراهة : (الوضوء يوزن) في كفة الحسنات أي ماؤه (قاله سعيد بن المسيب والزهري ) ، وفي العوارف واتخاذ المنديل بعد الوضوء كرهه قوم وقالوا : إن ماء الوضوء نور يوزن وأجازه بعضهم اهـ .

قلت : قوله : الوضوء يوزن قد وجدته مرفوعا في حديث أبي هريرة أخرجه ابن عساكر في تاريخه وتمام في فوائده بلفظ : من توضأ فمسح بثوب نظيف فلا بأس به ومن لم يفعل فهذا أفضل ؛ لأن الوضوء يوزن يوم القيامة مع سائر الأعمال (ولكن روى معاذ) بن جبل (رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم مسح وجهه بطرف ثوبه ) قال العراقي : أخرجه الترمذي ، وقال : غريب إسناده ضعيف اهـ قلت : ولفظ الحديث في العوارف ، وقال معاذ : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بكمه بطرف ثوبه ، وفي الكبير للطبراني من حديث كان يمسح وجهه بطرف ثوبه في الوضوء (وروت عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كانت له منشفة ) ، هو في سنن الترمذي أخبرنا سفيان بن وكيع حدثنا عبد الله بن وهب عن زيد بن حباب عن أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها أعضاءه بعد الوضوء (ولكن طعن في هذه الراوية عن عائشة رضي الله عنها) كأنه يشير إلى قول الترمذي ، فإنه بعد ما أخرجه قال : وليس بالقائم ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في هذا الباب ، وفي القوت واستحب بعض علماء الشام أن يمسح بثوبه ، وقال تكون البركة في ثيابي ، فإن مسح فجائز ، وإن ترك فحسن قد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وذراعيه بخرقة بعد الوضوء ، وقد ناولته زينب خرقة بعد طهارته فنفض يده ولم يأخذها قال أصحابنا : لا بأس بالمسح قليلا من غير مبالغة بمنديل بعد الوضوء ، كما روي ذلك عن عثمان وأنس ومسروق والحسن بن علي رضي الله عنهم ، وقال الرافعي : هل يستحب ترك تنشيف الأعضاء ؟ فيه وجهان أظهرهما نعم لما روي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينشف أعضاءه ، وعن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا فيغتسل ، ثم يخرج إلى الصلاة ورأسه يقطر ماء ، والثاني لا يستحب ذلك وعلى هذا اختلفوا منهم من قال : لا يستحب التنشف أيضا ، وقد روي من فعله صلى الله عليه وسلم فعله وتركه وكل حسن ولا ترجيح ، ومنهم من قال : يستحب التنشف لما فيه من الاحتراز عن التصاق الغبار ، وإذا فرعنا على الأظهر ، وهو استحباب الترك فهل نقول : التنشف مكروه أم لا ؟ فيه ثلاثة أوجه أظهرها لا ، والثاني نعم ؛ لأنه إزالة لأثر العبادة فأشبه إزالة خلوف فم الصائم والثالث حكي عن القاضي الحسين أنه إن كان في الصيف كره ، وإن كان في الشتاء لم يكره لعذر البرد (ويكره أن يتوضأ من إناء أصفر ) وعبارة القوت ويكره الوضوء في إناء أصفر ، وفي المصباح الصفر بالضم ويكسر النحاس وقيل : أجوده اهـ ، وفي معناه النحاس الأحمر قال صاحب القوت : وسمعت أن العبد إذا أراد الوضوء احتوشته الشياطين توسوس إليه ، فإذا سمى ، وذكر الله تعالى حبست عنه وحضرته الملائكة ، فإن كان وضوءه في إناء صفر أو نحاس لم تقربه الملائكة اهـ ، ولذا قال صاحب شرعة الإسلام : ولا يتوضأ في إناء صفر ولا نحاس ؛ لأن الملائكة تنفر من ريحهما ، وقال أصحابنا : ومن آداب الوضوء كون آنيته من خزف.




الخدمات العلمية