الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما أصابع الرجل فالأولى عندي إن لم يثبت فيها نقل أن يبدأ بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى ، كما في التخليل فإن المعاني التي ذكرها في اليد لا تتجه ههنا ؛ إذ لا مسبحة في الرجل .

وهذه الأصابع في حكم صف واحد ثابت على الأرض فيبدأ من جانب اليمنى ، فإن تقديرها حلقة بوضع الأخمص على الأخمص يأباه الطبع بخلاف اليدين .

التالي السابق


ثم شرع في بيان كيفية قص أصابع الرجل فقال : (وأما أصابع الرجل فالأولى عندي إن لم يثبت فيها نقل) عن فعله صلى الله عليه وسلم (أن يبدأ بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى ، كما في التخليل) ومر في باب الوضوء (فإن المعاني التي ذكرناها لا تتجه ههنا ؛ إذ لا مسبحة في الرجل وهذه الأصابع في حكم صف واحد ثابت على الأرض فيبدأ من جانب اليمنى ، فإن تقديرها حلقة بوضع الأخمص على الأخمص يأباه الطبع بخلاف اليدين) ، وذكر النووي في شرح مسلم في تقليم أظفار الرجلين أنه يستحب أن يبدأ بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى ، كما ذكره المصنف قال الولي العراقي : وهو يعكر على ما تقدم من القص إلى جهة اليمين قال العراقي ورأيت بعض شيوخنا يختار في قص الأظفار كيفية أخرى بحيث يكون القص مخالفا لا على الولاء وأنه يبدأ بمسبحة اليد اليمنى ، ثم بالبنصر ، ثم بالإبهام ، ثم بالوسطى ، ثم بالخنصر ، ثم بمسبحة اليسرى كذلك على المخالفة ، ثم بخنصر الرجل اليمنى ، ثم بالوسطى ، ثم بالإبهام ، ثم بالأصبع المجاورة للخنصر ، ثم المجاورة للإبهام ، ثم بإبهام اليسرى ، ثم الوسطى ، ثم الخنصر ، ثم التي تجاور الإبهام ، ثم التي تجاور الخنصر ، وقال : إنه جرب هذا للسلامة من الرمد وإنه كان كثيرا ما يرمد فمن حين صار يقص على هذا الوجه لم يرمد بعد ذلك ورأيت من يذكره حديثا من قص أظفاره مخالفا عوفي من الرمد ، وهذا الحديث لا أصل له البتة والكيفية الأولى أولى ، وإن لم يكن التقييد بها سنة لعدم ثبوتها أيضا وكيفما قص حصل السنة ، والله أعلم . اهـ. قلت : وقوله : من قص أظفاره مخالفا إلخ ذكره الحافظ الدمياطي عن بعض مشايخه وهنا كيفية ثالثة مشهورة بين الناس ، وقد سمعت شيخنا المرحوم علي بن موسى الحسيني يذكر ذلك عن شيخنا وشيخه المرحوم الشهاب أحمد الملوي وينقل عنه ذلك قال : سمعته يقول :

قصوا الأظافير بالسنة والأدب يمينها خوابس يسارها أوخست

ثم سمعت ذلك من شيخنا وشيخه المشار إليه والصحيح أنه لم يثبت فيه شيء يعتمد عليه ، وإنما هو من عمل المشايخ .



(فصل)

قال العراقي : يخير الذي يقلم أظفاره بين أن يباشر ذلك بنفسه وبين أن يقص له غيره كقص الشارب سواء ؛ إذ لا هتك حرمة في ذلك ولا ترك مروءة قاله النووي وغيره ولا سيما من لا يحسن قص أظفار يده اليمنى ، فإن كثيرا من الناس لا يتمكن من قصها لعسر استعمال اليسار ، فإن الأولى في حقه أن يتولى ذلك غيره لئلا يجرح يده أو يؤذيها اهـ. قلت : وسواء أخذ بالمقص ، كما هو المألوف للناس أو بالمقلمة أو غيرها من الآلات وعلى أي وجه كان تحصل السنة ، وأما ما تعود بعض الناس بقطعها بالأسنان ، فإنه مكروه ، بل ربما يورث الفقر . [ ص: 413 ]


(فصل)

في التوقيت فيه حديث أنس عند مسلم وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة ، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث قال العراقي : وليس فيه تأقيت لما هو أولى ، بل ذكر فيها أنه لا يزيد على أربعين قال صاحب المفهم : هذا تحديد أكثر المدة قال : والمستحب تفقد ذلك من الجهة إلى الجهة وإلا فلا تحديد فيه للعلماء إلا أنه إذا كثر ذلك أزيل ، وكذا قال النووي في شرح مسلم ، وفي الكامل لابن عدي من حديث أنس : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق الرجل عانته كل أربعين يوما وأن ينتف إبطه كلما طلع ولا يدع شاربيه يطولان وأن يقلم أظفاره من الجمعة إلى الجمعة الحديث قال الذهبي في الميزان هذا حديث منكر .


(فصل)

قال ابن قدامة في المغني : ويسن غسل رؤوس الأصابع بعد قصها ويقال : إن الحك بها قبل غسلها يضر بالبدن اهـ. قلت : ويستحب غسل ذلك قبل القص ليعين على قصها بسهولة ، وقوله : يضر بالبدن قيل : إنه يورث البرص أعاذنا الله من ذلك .



(فصل)

ويستثنى من ندب قلم الأظفار مواضع منها حالة الإحرام وعشر ذي الحجة لمريد التضحية وحالة الموت وحالة الغزو كذا في المحيط للسرخسي


(فصل)

قال العراقي : فإن قيل قد قدمتم أن حلق العانة وتقليم الأظفار سنة وليس بواجب فما وجه قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد في مسنده من حديث رجل من بني غفار ، ومن لم يحلق عانته ويقلم أظفاره ويجز شاربه فليس منا ، وهذا يدل على الوجوب والجواب عنه من وجهين أحدهما أن هذا لم يثبت ؛ لأن في إسناده ابن لهيعة والكلام فيه معروف ، وإنما يثبت منه الأخذ من الشارب فقط كما رواه الترمذي وصححه والنسائي من حديث زيد بن أرقم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من لم يأخذ من شاربه فليس منا ، والثاني المراد على تقدير ثبوته ليس على سنتنا وطريقتنا والله أعلم .



(فصل)

قال الحافظ السخاوي في المقاصد : لم يثبت تعيين لقص الأظفار عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء وما يعزى من النظم في ذلك لعلي رضي الله عنه ، ثم لشيخنا رحمه الله تعالى فباطل عنهما اهـ ، وقال العراقي : اختلفت الأحاديث الواردة في أيام الأسبوع بقص الأظفار فورد في بعضها يوم الجمعة ، وفي بعضها يوم الخميس قال البيهقي في سننه الكبرى : روينا عن أبي جعفر مرسلا قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يأخذ من شاربه وأظفاره يوم الجمعة اهـ .

قال العراقي : وأما قصها يوم الخميس فرويناه في حديث مسلسل بذلك أخبرني أبو العباس أحمد بن عبد الأحد الحراني ورأيته يقلم أظفاره يوم الخميس قال : أخبرنا الحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس قال : أخبرنا المشايخ الستة صقر بن يحيى بن صقر وأبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجمي وأبو القاسم عمر بن سعيد بن عبد الواحد الحلبيون والحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل ومحمد وعبد الحميد بن عبد الهادي بن قدامة الدمشقيون ورأيت كل واحد منهم يقلم أظفاره يوم الخميس قالوا : أخبرنا يحيى بن محمود الثقفي ورأيناه يقلم أظفاره يوم الخميس قال : أخبرنا جدي لأمي أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي ورأيته يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الإمام أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الحافظ أبا العباس جعفر بن محمد المستغفري يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الإمام أبا جعفر محمد بن أحمد بن عبد العزيز المكي يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الإمام إسماعيل بن محمد بن علي شاه المروذي يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت أبا بكر محمد بن عبد الله النيسابوري ، وهو يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت عبد الله بن موسى بن الحسن يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الفضل بن العباس الكوفي ، وهو يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الحسن بن هارون بن إبراهيم الضبي يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت عمر بن حفص يقلم أظفاره يوم الخميس ، وقال : رأيت أبي جعفر بن غياث يقلم أظفاره يوم الخميس ، وقال : رأيت جعفر بن [ ص: 414 ] محمد يقلم أظفاره يوم الخميس ، وقال : رأيت أبي محمد بن علي يقلم أظفاره يوم الخميس ، وقال : رأيت الحسين بن علي يقلم أظفاره يوم الخميس ، وقال : رأيت عليا رضي الله عنه يقلم أظفاره يوم الخميس ، وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلم أظفاره يوم الخميس ، ثم قال : يا علي قص الظفر ونتف الإبط وحلق العانة يوم الخميس والغسل والطيب واللباس يوم الجمعة ، وفي إسناده من يحتاج إلى الكشف عن حاله من المتأخرين فأما الحسين بن هارون الضبي ، ومن بعده فثقات اهـ .

وقال الحافظ في الجواهر المكللة بعد أن رواه بشرطه عن الصلاح محمد بن محمد الخازن عن الحافظ العراقي ح وعاليا عن أحمد بن علي بن محمد المؤذن بصالحية دمشق والزين عبد الواحد بن صدقة الحراني بحلب وأبي المعالي أحمد الذهبي بالقاهرة برواية الأول عن الكمال أبي عبد الله بن النحاس وبرواية الثالث عن أبي هريرة ابن الذهبي كلاهما عن أحمد بن عبد الرحمن البعلي بشرطه وبرواية الثاني عن جده الشرف أبي بكر محمد بن يوسف الحراني عن العز أبي إسحق إبراهيم بن صالح بن العجمي هو والبعلي عن الخطيب بن عبد الله محمد بن إسماعيل المرداوي عن أبي الفرج الثقفي ح هذا حديث ضعيف انفرد به عبد الله بن موسى ، وهو أبو الحسن السلامي كان أبو عبد الله بن منده سيئ الرأي فيه ، وقال الحاكم : إنه كتب عمن دب ودرج من المجهولين وأصحاب الزوايا ، وفي رواياته ، كما قال الخطيب غرائب ، ومناكير وعجائب وممن روى هذا المسلسل عن السلامي الحسين بن محمد الطالقاني ومحمد بن الحسين الصوفي ، ورواه الديلمي في مسنده مسلسلا من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن موسى ، وأخرجه أبو عصمة الأخسيكتي في مسلسلاته عن أحمد بن عبد العزيز المكي اهـ .

قلت : وقد سقط ذكر عبد الله بن موسى من سياق سند العراقي ، وقد زدته أنا ونقله المناوي في شرح الجامع عنه وليس فيه ذكر عبد الله بن موسى أيضا ، وهو لا بد منه ، فإنه الذي عليه مدار هذا الحديث وممن سمع هذا الحديث بشرط على الزين العراقي الصلاح محمد بن محمد الحكري ، وفي سياقه ذكر عبد الله بن موسى إلا أنه خالف في اسم جده ، وقد علم من ذلك أنه إنما سقط من قلم النساخ ، وقد قال المناوي : أخبرني به والدي ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الشيخ معاذا ، وهو يقص أظفاره يوم الخميس قال : أخبرني شيخ الإسلام يحيى المناوي ورأيته يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت الحافظ ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم العراقي يقص أظفاره يوم الخميس قال : أخبرني والدي ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس بسنده المتقدم ولا بأس بإيراد سندي إلى المناوي ، فإن الاتصال في المسلسلات مرغوب وعلوه مطلوب أخبرني به شيخنا العلامة عبد الخالق بن أبي بكر المزجاجي الحنفي ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس بمدينة زبيد سنة 1164 قال : أخبرني به الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد الحنفي المكي ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس بمكة قال : أخبرنا عبد الله بن سالم البصري ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس قال : أخبرنا الحافظ محمد بن علاء الدين البابلي ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس قال : أخبرنا الشيخ عبد الرؤوف بن تاج العارفين الحدادي المناوي ورأيته يقص أظفاره يوم الخميس بسنده المتقدم .




الخدمات العلمية