الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسئل صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل فقال ؟ : الصلاة لمواقيتها وقال صلى الله عليه وسلم : من حافظ على الخمس بإكمال طهورها ومواقيتها كانت له نورا وبرهانا يوم القيامة ، ومن ضيعها حشر مع فرعون وهامان وقال صلى الله عليه وسلم : مفتاح الجنة الصلاة وقال : " ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد أحب إليه من الصلاة ولو ، كان شيء أحب إليه منها لتعبد به ملائكته ، فمنهم راكع ، ومنهم ساجد ، ومنهم قائم وقاعد " وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من ترك صلاة متعمدا فقد كفر " .

التالي السابق


(وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لمواقيتها) . وفي رواية: لميقاتها، أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قاله العراقي .

قلت: أخرجه البخاري في الصلاة والجهاد والأدب والتوحيد، ومسلم في الإيمان، والترمذي في الصلاة وفي البر، والنسائي في الصلاة، ولفظ البخاري من طريق أبي عمر والشيباني، حدثنا صاحب هذه الدار، وأشار بيده إلى دار ابن مسعود، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: "أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها". اتفق أصحاب شعبة على هذا اللفظ، وخالفهم علي بن حفص، وهو ممن احتج به مسلم فقال: الصلاة في أول وقتها. رواه الحاكم والدارقطني واحترز بقوله "على وقتها" عما إذا وقعت الصلاة خارج وقتها من معذور، كالنائم والناسي، فإن إخراجه لها عن وقتها لا يوصف بتحريم ذلك، ولا بأنه أفضل الأعمال مع أنه محبوب، لكن إيقاعها في الوقت أحب، والله أعلم .

(وقال صلى الله عليه وسلم: من حافظ على الخمس) ، أي: على فعلهن (بإكمال طهورها) وهو المراد بالإحسان والإسباغ في رواية أخرى (و) أدائها في (مواقيتها كانت له نورا) في قبره وحشره (وبرهانا) تخاصم عنه وتحاجج (يوم القيامة، ومن ضيعها حشر مع فرعون وهامان) ، فإنهما من أشقى الناس .

قال العراقي: أخرجه أحمد وابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو اهـ .

قلت: وكذلك أخرجه [ ص: 10 ] الطبراني والبيهقي في السنن، ولفظهم جميعا: "من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وأبي بن خلف ".

وأخرجه ابن نصر في كتاب الصلاة بلفظ: "خمس صلوات من حافظ عليهن كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له نور يوم القيامة، ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف ". وفي ذكر أبي بن خلف مع هؤلاء إشارة إلى أنه أشقى هذه الأمة وأشدها عذابا مطلقا، وهو الذي آذى الله ورسوله وبالغ في ذلك حتى قتله الله بيد رسوله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ولم يقتل أحدا بيده قط غيره، وفي الخبر: "أشقى الناس من قتل نبيا أو قتله نبي".

وقد جاء في المحافظة على الخمس أيضا ما أخرجه أحمد والطبراني والبيهقي عن حنظلة الكاتب رفعه: "من حافظ على الصلوات الخمس المكتوبة على ركوعهن وسجودهن ووضوئهن ومواقيتهن، وعلم أنهن حق من عند الله عز وجل دخل الجنة، أو قال: وجبت له الجنة". وفي لفظ: "حرم على النار". وأخرج الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة: "من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين".

(وقال صلى الله عليه وسلم: مفتاح الجنة الصلاة) ، وفي نسخة العراقي: "مفاتيح الجنة الصلاة". وقال: أخرجه أبو داود والطيالسي من حديث جابر، وهو عند الترمذي وليس داخلا في الرواية اهـ .

قلت: وهكذا أخرجه أحمد والبيهقي بزيادة: "ومفتاح الصلاة الطهور"، ومعنى الحديث: مبيح دخولها الصلاة؛ لأن أبواب الجنة مغلقة فلا يفتحها إلا الطاعة، والصلاة أعظمها .

(وقال صلى الله عليه وسلم: "ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد أحب إليه من الصلاة، لو كان شيء أحب إليه منها لتعبد به ملائكته، فمنهم راكع، ومنهم ساجد، ومنهم قائم وقاعد") . قال العراقي: لم أجده هكذا، وآخر الحديث عند الطبراني من حديث جابر، وعند الحاكم من حديث ابن عمر اهـ .

قلت: هو في "القوت" بلفظ: وروينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ساقه قال: ويقال أن المؤمن إذا صلى ركعتين عجب منه عشرة صنوف من الملائكة، كل صنف منهم عشرة آلاف، ثم قال: فالقائمون صنف لا يركعون إلى قيام الساعة، والساجدون لا يرفعون إلى القيامة، وكذلك الراكعون والقاعدون .

(وقال صلى الله عليه وسلم: "من ترك صلاة متعمدا فقد كفر") .

قال العراقي: أخرجه البزار من حديث أبي الدرداء بإسناد فيه مقال اهـ .

قلت: وعند الطبراني من حديث أنس : "من ترك الصلاة متعمدا، فقد كفر جهارا". قال الهيتمي : رجاله موثقون إلا محمد بن أبي داود الأنباري، فلم أجد ترجمته، وذكر ابن حبان محمد بن أبي داود البغدادي، فما أدري هو أم لا اهـ .

وقال الحافظ: الحديث سئل عنه الدارقطني فقال: رواه أبو النضر عن أبي جعفر عن الربيع موصولا، ووقفه أشبه بالصواب اهـ .




الخدمات العلمية