الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .

التالي السابق


(ويجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) اعلم أن في قراءتها في الصلاة ثلاثة أقوال : أحدها : أنها واجبة وجوب الفاتحة ؛ لكونها آية منها ، وهو مذهب الشافعي ، وإحدى الروايتين عن أحمد ، وطائفة من أهل الحديث ، والثاني : إنها مكروهة سرا وجهرا ، وهو المشهور عن مالك ، والثالث : إنها جائزة ؛ بل مستحبة ، وهو مذهب أبي حنيفة ، والمشهور عن أحمد ، وأكثر أهل الحديث ، ثم مع قراءتها ؛ هل يسن الجهر بها أو لا ؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها : يسن الجهر بها ، وبه قال الشافعي ، ومن وافقه ، والثاني : لا يسن ، وبه قال أبو حنيفة : وجمهور أهل الحديث ، والرأي ، وفقهاء الأمصار ، وجماعة من أصحاب الشافعي ، وقيل : يخير بينهما ، وهو قول إسحاق بن راهويه ، وابن حزم .

قال الزيلعي الحافظ من أصحابنا : وكان بعض العلماء يقول بالجهر سدا للذرائع ، قال : ويسوغ للإنسان أن يترك الأفضل لأجل تأليف القلوب ، واجتماع الكلمة ؛ خوفا من التنفير ، وقد نص أحمد ، وغيره على ذلك في البسملة ، وفي وصل الوتر ، وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول مراعاة لائتلاف المأمومين ، أو لتعريفهم السنة ، وأمثال ذلك ، وهذا أصل كبير في سد الذرائع . أهـ .

قلت : وممن قال بسنية الإخفاء بها من الشافعية الإمام أبو طالب المكي صاحب القوت ، فإنه قال فيه : ولا أستحب للإمام الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وإن كانت آية من سورة الحمد ، فأكثر الروايات رأيتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الجهر بها ، وأنه الآخر من فعله ، وقد يأخذون الآخر ، فالآخر من فعله - صلى الله عليه وسلم - ، ولمواطأة فعل أبي بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - لذلك ، وهو مذهب الأكثرين من الصحابة ، والعلماء ، وقد روينا عن علي ، وابن عباس ، وابن مسعود كراهة الجهر بها ، وقال ابن عباس : ليس من السنة الجهر بها ، وقال ابن مسعود : من السنة إخفاؤها . أهـ .




الخدمات العلمية