الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما الصبح فزيد فيها القنوت فيقول اللهم اهدنا ولا يقول : اللهم اهدني ويؤمن المأموم فإذا انتهى إلى قوله إنك : تقضي ولا يقضى عليك ، فلا يليق به التأمين وهو ؛ ثناء فيقرأ معه فيقول مثل قوله أو يقول بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين أو : صدقت ، وبررت وما أشبه ذلك .

التالي السابق


(وأما) صلاة (الصبح فيزيد فيها القنوت) المعهود الذي تقدم ذكره آنفا ، واختلف هل شروعه بعد ذكر الاعتدال من الثانية ، وهو الذي ذكره البغوي في التهذيب ، وصوبه الإسنوي ، وقال الماوردي : يحل القنوت إذا فرغ من قوله : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ، فحينئذ يقنت ، وعليه اقتصر ابن الرفعة وقال في الإقليد : إنه قضية القياس ؛ لأن القنوت إذا انضم إلى الذكر المشروع في الاعتدال طال الاعتدال ، وهو ركن قصير بلا خلاف ، وعمل الأئمة بخلافه لجهلهم بفقه الصلاة ، فإن الجمع إن لم يكن مبطلا ، فلا شك أنه مكروه . أهـ .

(فيقول) بلفظ الجمع (اللهم اهدنا) فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت . . . إلخ (ولا يقول : اللهم اهدني) بالإفراد لما سبق أنه يكره للإمام أن يخص نفسه بالدعاء (ويؤمن المأموم) ، أي : يقول : عند كل جملة من جمل القنوت آمين ، وهذا يدل على أن الإمام يجهر به ، وهو الظاهر من حديث أبي هريرة عند البخاري ، وإلا لما سمعوه ؛ بل قال في رواية : يجهر بذلك ، فصرح بالظاهر ، وعند أبي داود من حديث ابن عباس : ويؤمن من خلفه ، وهذا أيضا يدل على الجهر ، وأخرجه الحاكم ، وصححه ، وتقدم عن الرافعي ، ثم للإمام هل يجهر به أم لا ؟ قولان أظهرهما يجهر به . أهـ .

وقال العراقي : الجهر أصح الوجهين قال في وجه : يسر كسائر الأذكار . قال : وأما المنفرد ، فجزم القاضي حسين البغوي ، والماوردي أنه يسر به ، وقال النووي في التحقيق : إنه لا خلاف فيه . أهـ . قال : وكلام البندنيجي يدل على الجهر ، فإنه عبر بقوله : ويجهر به المصلي . أهـ .

(فإذا انتهى) الإمام (إلى قوله : فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، فلا يليق به) ، أي : بالمأموم (التأمين ؛ لأنه ثناء) على الله تعالى ، وليس بدعاء (فيقرأ معه) موافقة ، وهو الأليق ، ثم إنه يقرأ ذلك مع الإمام سرا ، كما في شرح المنهاج ، وفي الروضة يقول : الثناء ، أو يسكت . أهـ . (و) قيل : يقول الثناء (ويقول بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين) ، وقال المتولي : أو يقول : أشهد (أو يقول : صدقت ، وبررت) بكسر الراء الأولى ، كما يقول في إجابة المؤذن (وما أشبه ذلك) من الأقوال ، وهناك أقوال أخر ذكرها شارح المنهاج أن يؤمن على إمامه ، ويقوله بعد ، أو يؤمن في الكل ، أو يوافقه في الكل كالاستعاذة ، وقيل : يتخير بين التأمين ، والقنوت ، وهذا كله إذا جهر به الإمام ، وأما إذا لم يجهر به ، أو جهر به ، ولم يسمعه بأن سمع صوتا لم يفسره ، أو لصمم ، أو بعد قنت ندبا معه كسائر الدعوات ، والأذكار التي لم يسمعها .



(تنبيه) :

ويشكل على قول المصنف ، أو يقول : صدقت ، وبررت ما نقل الأصحاب في باب الأذان من أن المصلي إذا أجاب المؤذن تبطل صلاته ، والجواب : إنما قلنا ببطلان الصلاة في الأذان ؛ لأنه لا ارتباط بين المصلي والمؤذن ، بخلاف الإمام والمأموم ، هذا ، وإلا وجه البطلان فيهما ، كذا في شرح المنهاج .



(تنبيه آخر) :

وإذا أتى بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر القنوت ، كما تقدم ، فهل يؤمن لها ، أو يقول : مثل ما يقول الإمام ؟ وبالأول قال المحب الطبري في شرح التنبيه : وهو الراجح ، والثاني ذكره المصنف احتمالا . والله أعلم .




الخدمات العلمية