الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم : من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر طبع الله على قلبه وفي لفظ آخر : فقد نبذ الإسلام وراء ظهره واختلف رجل إلى ابن عباس يسأله عن رجل مات لم ، يكن يشهد جمعة ، ولا جماعة فقال في النار فلم يزل يتردد إليه شهرا يسأله عن ذلك ، وهو يقول في النار .

التالي السابق


(وقال - صلى الله عليه وسلم - : من ترك الجمعة) ، أي : صلاتها (ثلاثا) ، أي : ثلاث جمع متوالية (من غير عذر) من الأعذار المذكورة فيما بعد (طبع على قلبه) ، وفي رواية : طبع الله على قلبه ؛ أي : ختم عليه ، وغشاه ، ومنعه الطاعة ، أو جعل فيه الجهل ، والجفاء ، والقسوة ، أو صير قلبه منافقا . قال العراقي : رواه أحمد واللفظ له ، وأصحاب السنن ، والحاكم ، وصححه من حديث أبي الجعد الضمري . أهـ .

قلت : وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة ، وأبو يعلى ، والطبراني ، والبغوي ، والباوري ، وأبو نعيم في المعرفة ، والبيهقي ، وابن حبان ، وحسنه الترمذي ، وأما الحاكم ، فأخرجه في كتاب الكنى ، وفي المناقب من المستدرك ، وليس لأبي الجعد حديث غيره ، كما نقل عن البخاري قال : ولا أعرف له اسما ، لكن ذكر العسكري أن اسمه الأدرع ، وقيل : عمر ، وقيل : جنادة ، صحابي له حديث ، قتل يوم الجمل . أهـ .

وقال الحاكم مرة : هو على شرط مسلم ، عده الحافظ السيوطي من الأحاديث المتواترة ، وقال الذهبي في التلخيص : سنده قوي ، وفي بعض رواياتهم : من ترك ثلاث جمع تهاونا ، والباقي سواء ، ولفظ أبي يعلى وابن حبان : فهو منافق ، بدل قوله : طبع الله على قلبه ، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا عن سمرة بن جندب مرفوعا بلفظ : طمس على قلبه .

وأخرج أحمد ، والحاكم ، والسراج ، وابن الضريس من حديث أبي قتادة مرفوعا بلفظ : من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه .

وأخرج النسائي ، وابن خزيمة ، والحاكم من حديث جابر مثله .

وأخرج أبو يعلى ، وابن خزيمة ، والبيهقي مثله .

وأخرج أبو يعلى ، ومحمد بن نصر من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ، عن عمه مرفوعا : من ترك الجمعة ثلاثا طبع الله قلبه ، وجعل قلبه قلب منافق .

وأخرج المحاملي في أماليه ، والخطيب ، وابن عساكر من حديث عائشة بلفظ : من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير علة ، ولا مرض ، ولا عذر طبع الله على قلبه .

وأخرج الطبراني في الكبير ، والدارقطني في الأفراد من حديث أسامة بن زيد بلفظ : كتب من المنافقين ، وعند الديلمي من حديث أبي هريرة : من ترك الجمعة لم يكن له في تركها عذر كتبه الله في كتابه الذي لا يمحى ، ولا يبدل منافقا إلى يوم القيامة (وفي لفظ آخر : فقد نبذ الإسلام وراء ظهره) قال العراقي : رواه البيهقي في البعث من حديث ابن عباس . أهـ .

قلت : وكذا رواه أبو يعلى ، ولفظه : من ترك ثلاث جمع متواليات ، والباقي سواء . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ، ورواه الشيرازي في الألقاب بلفظ : من ترك أربع جمع متواليات من غير عذر ، والباقي سواء . (واختلف رجل إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - يسأله عن رجل مات ، ولم يكن يشهد جمعة ، ولا جماعة) ، أي : الصلاة معهم (فقال) هو (في النار) ، أي : يستحق دخولها لتركه إياها تهاونا ، واستخفافا (فلم يزل يتردد إليه شهرا يسأله عن ذلك ، وهو) يجيبه (يقول في النار) . هكذا أورده صاحب القوت .

وإنما أجابه ابن عباس بما أجاب تغليظا عليه في ذلك .




الخدمات العلمية