الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن ركع الإمام ، وهو في السورة فليقطعها .

وإن أدرك الإمام في السجود ، أو التشهد ، كبر للإحرام ثم جلس ولم يكبر بخلاف ما إذا أدركه في الركوع ، فإنه يكبر ثانيا في الهوي لأن ذلك انتقال محسوب له .

والتكبيرات للانتقالات الأصلية في الصلاة ، لا للعوارض بسبب القدوة .

ولا يكون مدركا الركعة ما لم يطمئن راكعا في الركوع ، والإمام بعد في حد الراكعين .

فإن لم يتم طمأنينته إلا بعد مجاوزة الإمام حد الراكعين فاتته تلك الركعة .

التالي السابق


(وإن ركع الإمام، وهو) أي: المسبوق (في) قراءة (السورة) غير الفاتحة (فليقطعها) حيث انتهى، ويركع بعده. هكذا في القوت (وإن أدرك الإمام في السجود، أو) في (التشهد،

[ ص: 315 ] كبر للإحرام) قائما (ثم جلس) ، وسجد في الأولى للاتباع (ولم يكبر) حال الانتقال؛ لأن ذلك غير محسوب له في الثانية (بخلاف ما إذا أدركه) ، أي: الإمام (في الركوع، فإنه يكبر) للافتتاح أولا، وليس له أن يشتغل بالفاتحة، ثم يكبر (ثانيا في الهوي) ، أي: النزول (لأن ذلك انتقال محسوب له، والتكبيرات) إنما هي (للانتقالات الأصلية في الصلاة، لا للعوارض بسبب القدوة) ، أي: الاقتداء .

قال الرافعي: فلو أدركه في السجدة الأولى، أو الثانية، أو التشهد، فهل يكبر للانتقال إليه؟ وجهان؛ أصحهما أن هذا غير محسوب له، بخلاف الركوع، ويخالف ما لو أدركه في الاعتدال، فما بعده، فإنه ينتقل معه من ركن إلى ركن مكبرا، وإن لم يكن محسوبا؛ لأنه لموافقة الإمام؛ ولذلك نقول يوافقه في قراءة التشهد، وفي التسبيحات على الأصح، وقال أيضا: من أدرك الإمام راكعا كان مدركا للركعة، وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو بكر الصيفي: لا تدرك الركعة بإدراك الركوع، وهذا شاذ منكر، والصحيح الذي عليه الناس وأطبق عليه الأئمة إدراكها (و) لكن (لا يكون مدركا للركعة ما لم) يلتق هو وإمامه في حد أقل الركوع، حتى لو كان في الهوي والإمام في الارتفاع، وقد بلغ هويه حد الأقل قبل أن يرتفع الإمام عنه كان مدركا، وإن لم يلتقيا فيه فلا. هكذا قاله جميع الأصحاب، ويشترط أن (يطمئن راكعا في الركوع، والإمام بعد في حد الراكعين) قبل ارتفاعه عن الحد المعتبر. هكذا صرح به في البيان، وبه أشعر كلام كثير من النقلة، وهو الوجه، وإن كان الأكثرون لم يتعرضوا له (فإن لم يتم طمأنينته إلا بعد مجاوزة الإمام حد الراكعين) الحد المعتبر (فاتته تلك الركعة) قطعا، وعليه أن يتابعه في الركن الذي أدركه فيه، وإن لم يحسب له، فلو كبر وانحنى، وشك هل بلغ الحد المعتبر قبل ارتفاع الإمام عنه، فوجهان؛ وقيل: قولان أصحهما لا يكون مدركا، والثاني: يكون .

قال النووي في الروضة: وإذا أدركه في التشهد الأخير لزمه متابعته في الجلوس، ولا يلزمه أن يتشهد معه قطعا، ويسن له ذلك على الصحيح المنصوص. والله أعلم .

وقال الرافعي أيضا: وإذا قام المسبوق بعد سلام الإمام، فإن كان الجلوس الذي قام منه موضع جلوس المسبوق بأن أدركه في الثالثة من رباعية، أو في ثانية المغرب قام مكبرا، فإن لم يكن في موضع جلوسه بأن أدركه في الأخيرة أو الثانية من الرباعية قام بلا تكبير على الأصح، ثم إذا لم يكن موضع جلوسه لم يجز المكث بعد سلام الإمام، فإن مكث بطلت صلاته، وإن كان موضع جلوسه لم يضر المكث، والسنة للمسبوق أن يقوم عقيب تسليمتي الإمام، فإن الثانية من الصلاة، ويجوز أن يقوم عقب الأولى، فإن قام قبل تمامها بطلت صلاته إن تعمد القيام .

قلت: ومن السلف من قال: ما أدرك المسبوق مع إمامه، فهو آخر صلاته، وقد عقد له ابن أبي شيبة بابا في المصنف ذكر فيه هذا القول عن جماعة؛ كابن مسعود، وابن عمرو، وابن سيرين، وعمرو بن دينار، ومجاهد، والنخعي، وعبيد بن عمير.

وأخرج أقوالهم بأسانيده .



(فصل)

وقال أصحابنا: إذا أدرك المسبوق الإمام بعد الركوع لا يأتي بالركوع؛ إذ الواجب عليه متابعة الإمام، ولا يكون مدركا لتلك الركعة ما لم يشارك الإمام في الركوع كله، أو في مقدار تسبيحة منه، قدر على التسبيح، أو لم يقدر عليه، وهذا هو الأصح؛ لأن الشرط المشاركة في جزء من الركن وإن قل، وإن أدركه في القعدة، ففيه قولان؛ قيل: يكبر، ويقعد من غير ثناء، وقيل: يأتي بالثناء، ثم يقعد، والأول أولى لتحصيل فضيلة زيادة المشاركة في القعود، وقالوا: متابعة الإمام في سجود السهو مما يفسد الصلاة بأن قام بعد سلام الإمام، أو قبله بعد قعوده قدر التشهد، وقيد ركعة بسجدة، فتذكر الإمام سجود سهو، فتابعه، فسدت صلاته. أما لو قام، وركع، فقبل سجوده سجد الإمام لسهوه وجب متابعة الإمام في سجوده، ورفض قيامه، وقراءته، وركوعه، فإن لم يعد، ومضى على قضائه جازت صلاته؛ لأن عود الإمام إلى سجود السهو لا يرفع القعود، والباقي على الإمام سجود السهو، وهو واجب، والمتابعة في الواجب واجبة، وترك الواجب لا يوجب فساد الصلاة، وإن كان قيام المسبوق قبل قعود الإمام لم يجزه؛ لأن الإمام بقي عليه فرض لا ينفرد به المسبوق عنه، فتفسد صلاته، وفي العتابية: صلاة المسبوق جائزة، وعليه الفتوى، وفي الحاوي: الأحوط أن المسبوق يعيد صلاته، والله أعلم .




الخدمات العلمية