الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذا إن وضع الإمام جبهته للسجود الثاني وهو بعد لم يسجد السجود الأول .

التالي السابق


( وكذا إن وضع الإمام جبهته للسجود الثاني وهو بعد لم يسجد السجود الأول) تبطل صلاته على ما ذكرنا، هذا كله في التخلف بغير عذر، أما الأعذار فأنواع، منها الخوف، وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى، ومنها أن يكون المأموم بطيء القراءة والإمام سريعها، فيركع قبل أن يتم المأموم الفاتحة فوجهان، أحدهما يتابعه ويسقط عن المأموم باقيها، فعلى هذا لو اشتغل بإتمامها كان متخلفا بلا عذر، والصحيح الذي قطع به صاحب التهذيب وغيره أنه لا يسقط، بل عليه أن يتمها ويسعى خلف الإمام على نظم صلاته ما لم يسبقه بأكثر من ثلاثة أركان مقصودة، فإن زاد على الثلاثة فوجهان؛ أحدهما يخرج نفسه عن المتابعة لتعذر الموافقة، وأصحهما له أن يدوم على متابعته، وعلى هذا وجهان؛ أحدهما يراعي نظم صلاته ويجري على أثره، وبهذا أفتى القفال، وأصحهما يوافقه فيما هو فيه، ثم يقضي ما فاته بعد سلام الإمام، وهذان الوجهان كالقولين في مسألة الزحام .

ومنها أخذ التقدير بثلاثة أركان مقصودة؛ فإن القولين في مسألة الزحام إنما هما إذا ركع الإمام في الثانية، وقبل ذلك لا يوافقه، وإنما يكون التخلف قبله بالسجدتين والقيام، ولم يعتبر الجلوس بين السجدتين على مذهب من يقول هو غير مقصود، ولا يجعل التخلف بغير المقصود مؤثرا، وأما من لا يفرق بين المقصود وغيره أو يفرق ويجعل الجلوس مقصودا أو ركنا طويلا، فالقياس على أصله التقدير بأربعة أركان أخذا من مسألة الزحام، ولو اشتغل المأموم بدعاء الاستفتاح فلم يتم الفاتحة لذلك فركع الإمام فيتم الفاتحة كبطيء القراءة، والله أعلم .



( فصل) :

وقال أصحابنا: لو سلم الإمام قبل فراغ المأموم من قراءة التشهد يتمه ويسلم بعده، وأما إذا أحدث الإمام عمدا لا يقرأ المأموم التشهد، ولم يكن عليه أن يسلم لخروجه عن الصلاة ببطلان الجزء الذي لاقاه حدث الإمام فلا يبني على ما فسد ولا يضر ذلك في صحة الصلاة، لكنها ناقصة بترك السلام فتجب إعادتها لجبر الخلل، وإن لم يكن قعد قدر التشهد بطلت بالحدث العمد، ولو قام الإمام إلى الثالثة، ولم يتم المأموم التشهد أتمه ولا يتبع الإمام وإن خاف فوت الركوع؛ لأن قراءة بعض التشهد لم تعرف قربة، والركوع لا يفوته في الحقيقة لأنه يدرك، فكان خلف الإمام ومعارضة واجب آخر لا يمنع الإتيان بما كان فيه من واجب غيره لإتيانه به بعده، فكان تأخير أحد الواجبين مع الإتيان بهما أولى من ترك أحدهما بالكلية .

ولو رفع الإمام رأسه قبل تسبيح المأموم ثلاثا في الركوع والسجود يتابعه، ولو زاد الإمام سجدة أو قام بعد القعود الأخير ساهيا لا يتبعه المأموم فينتظر سلامه ليسلم معه إن تذكر وجلس قبل تقييده الزائدة بسجدة، وإن قيدها سلم المأموم وحده .

وإن قام الإمام قبل القعود الأخير ساهيا انتظره وسبح لينبه إمامه، فإن سلم المأموم قبل أن يقيد إمامه الزائدة بسجدة فسد فرضه لانفراده بركن القعود حال الاقتداء، كما تفسد بتقييد الإمام الزائدة بسجدة لتركه القعود الأخير في محله، وهاتان مسألتان مما لا يتبع المأموم إمامه فيه .

والثالثة: لو زاد على تكبيرات العيد وسمعه من إمامه لا من غيره لجواز الخطأ عليه .

والرابعة: لو كبر في الجنازة خمسة، وخمسة أشياء إذا تركها الإمام يتركها المأموم ويتابع الإمام: [ ص: 327 ] القنوت إذا خاف فوت الركوع، وتكبير الزوائد في العيدين كذلك، والقعدة الأولى، وسجدة التلاوة والسهو .



وتسعة أشياء إذا تركها الإمام يأتي بها المأموم: رفع اليدين للتحريمة، والثناء إن كان الإمام في الفاتحة وإن في السورة، وتكبير الركوع والسجود والتسبيح فيهما، والتسميع، وقراءة التشهد، والسلام، وتكبير التشريق. كذا في البزارية وغيرها، وكره سلام المأموم بعد تشهد الإمام قبل سلامه لترك المتابعة، وصحت صلاته لعدم بقاء شيء من فروضها شيء إذا عرض المقصد بعده بطلت صلاة الإمام فقط على القول بأن الخروج بالصنع فرض عند الإمام، وهو الصحيح، أو لا تبطل على القول بوجوبه .



وذكروا في مفسدات الصلاة سابقية المأموم بركن لم يشاركه فيه إمامه كما لو ركع ورفع رأسه قبل الإمام ولم يعده معه أو بعده وسلم مع الإمام، وأما إذا لم يسلم مع الإمام وقد أتى بالركوع والسجود قبله في كل الركعات فإنه يلزمه قضاء ركعة بلا قراءة، لأن مدرك أول صلاة الإمام لاحق وهو يقضي قبل فراغ الإمام، وقد فاتته الركعة الأولى بتركه متابعة الإمام في الركوع والسجود فيكون ركوعه وسجوده في الثانية قضاء عن الأولى، وفي الثالثة عن الثانية، وفي الرابعة عن الثالثة، فيقضي بعد سلام الإمام ركعة بغير قراءة لأنه لاحق بإدراكه إمامه في أول الصلاة، وإن ركع مع إمامه وسجد قبله لزمه قضاء ركعتين؛ لأنه يلتحق سجدتاه في الثانية بركوعه في الأولى لأنه كان معتبرا ويلغو ركوعه في الثانية لوقوعه عقب ركوعه الأول بلا سجود ثم ركوعه في الثالثة مع الإمام معتبر دون ركوعه في الرابعة لكونه قبل سجوده فيلتحق به سجوده في رابعة الإمام فيصير عليه الثالثة والرابعة، فيقضيهما، وإن ركع قبل إمامه وسجد معه يقضي أربعا بلا قراءة؛ لأن السجود لا يعتد به إذا لم يتقدمه ركوع صحيح، وركوعه في كل الركعات قبل الإمام يبطل سجوده الحاصل معه، وأما إن ركع إمامه وسجد ثم ركع وسجد بعده جازت صلاته، فهذه خمس صور مأخوذة من فتح القدير، والخلاصة والله أعلم .




الخدمات العلمية