الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث أن يخرج من طريق ، ويرجع من طريق آخر . هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


( الثالث أن يخرج من طريق، ويرجع من طريق أخرى. هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) .

قال العراقي : أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة .

قلت: أخرجه أحمد، والترمذي، والحاكم من حديثه أيضا، وأخرجه البخاري من حديث جابر، وقال: حديث جابر أصح، رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم عن ابن عمر ، وابن ماجه من حديث سعد القرظي وأبي رافع وابن قانع، وأبو نعيم من حديث عبد الرحمن بن حاطب، والبزار عن سعد، قال الرافعي : صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب إلى العيد في طريق ويرجع في أخرى، واختلف في سببه، فقيل: ليتبرك به أهل الطريقين، وقيل: ليستفتى فيهما، وقيل: ليتصدق على فقرائهما، وقيل: ليزور قبور أقاربه فيهما، وقيل: لتشهد له الطريقان، وقيل: ليزداد غيظ المنافقين، وقيل: لئلا تكثر الزحمة، وقيل: يقصد أطول الطريقين في الذهاب، وأقصرهما في الرجوع، وهذا أظهرها، ثم من شاركه في المعنى استحب ذلك له، وكذا من لم يشارك على الصحيح الذي اختاره الأكثرون، وسواء فيه الإمام والمأموم .

قال النووي : وإذا لم يعلم السبب استحب التأسي قطعا. اهـ من الروضة، وقال في المجموع: وأصح الأقوال في حكمته أنه كان يذهب في أطولهما تكثيرا للأجور، ويرجع في أقصرهما؛ لأن الذهاب أفضل من الرجوع، وأما قول إمام الحرمين وغيره: إن الرجوع ليس بقربة فعورض بأن أجر الخطى يكتب في الرجوع أيضا؛ كما ثبت في حديث أبي بن كعب عند الترمذي، وغيره. أو خالف لتشهد له الطريقان أو أهلهما من الجن والإنس، ثم ذكر أكثر ما تقدم في الروضة إلى أن قال: أو ليزور قبور آبائه أو ليصل رحمه أو للتفاؤل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا، أو لإظهار شعار الإسلام فيهما، أو ليغيظ اليهود، أو ليرهبهم بكثرة من معه أو حذرا من إصابة العين، فهو في معنى قول يعقوب عليه السلام لبنيه عليهم السلام: لا تدخلوا من باب واحد ثم قال: ومن لم يشاركه في المعنى ندب له ذلك تأسيا به صلى الله عليه وسلم كالرمل والاضطباع .

واستحب في الأم أن يقف الإمام في طريق رجوعه إلى القبلة ويدعو، وروى فيه حديثا. اهـ .

فالمذكور في الروضة معان ثمانية، وفي المجموع خمسة صار الجميع ثلاث عشرة معنى .

وقيل: إنما خالف حذرا من كيد المنافقين في طريقه؛ أو لأنه كان يتصدق في ذهابه بجميع ما معه فيرجع في أخرى لئلا يسأله سائل، واختار الشيخ أبو حامد وابن الصلاح أن مخالفته صلى الله عليه وسلم كانت لتخفيف الزحام لوروده في رواية، والله أعلم .




الخدمات العلمية