الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابع المستحب الخروج إلى الصحراء إلا بمكة وبيت المقدس فإن ، كان يوم مطر فلا بأس بالصلاة في المسجد ويجوز في يوم الصحو أن يأمر الإمام رجلا يصلي بالضعفة في المسجد ويخرج بالأقوياء مكبرين .

التالي السابق


( الرابع المستحب) لصلاة العيد ( الخروج إلى الصحراء) إن ضاق المسجد فإن كان المسجد واسعا فوجهان أصحهما -وبه قطع العراقيون وصاحب التهذيب وغيره- المسجد أولى. والثاني الصحراء ( إلا بمكة) فالمسجد أفضل قطعا .

( و) ألحق به الصيدلاني والبندنيجي ( بيت المقدس، وإن كان يوما مطيرا) أي ذا غيم، ومطر ( فلا بأس بالصلاة في المسجد) فهو أولى من الخروج إلى الصحراء. ( ويجوز في يوم الصحو) ، وهو أن يكون السماء مغيما ( أن يأمر الإمام رجلا) أي يستخلفه ( يصلي بالضعفة) من الناس، وأصحاب الأعذار، ( ويخرج بالأقوياء إلى المصلى مكبرين) .

وهذا الفصل تفريع على أن المذهب في جواز صلاة العيدين في غير البلد، وجوازها من غير شروط الجمعة، وفيه الخلاف المتقدم، والله أعلم .

وقال أصحابنا: الخروج إلى المصلى، وهي الجبانة سنة، وإن كان يسعهم الجامع كما عليه عامة المشايخ؛ لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى في العيدين، فإن ضعف قوم عن الخروج أمر الإمام من يصلي بهم في المسجد. روي ذلك عن علي؛ قال صاحب البرهان: روي أن عليا رضي الله عنه لما قدم الكوفة استخلف من يصلي بالضعفة صلاة العيدين في الجامع، وخرج إلى الجبانة مع خمسين شيخا يمشي ويمشون، وفي جوامع الفقه ومنية المفتي والذخيرة تجوز إقامتها في المصر وفنائه وفي موضعين [ ص: 391 ] وأكثر، ثم إن قولهم: أمر الإمام أن يصلي بهم في المسجد يعني صلاة العيد، وهي ركعتان، وخطبة بعدهما؛ فقد روى ذلك أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف، عن وكيع، عن مسلم بن يزيد بن مذكور الخارفي قال: صلى بنا القاسم بن عبد الرحمن يوم عيد في المسجد الجامع ركعتين وخطب .

ومن وجه آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا أمر رجلا يصلي بالناس في مسجد الكوفة، قال ابن أبي ليلى: يصلي ركعتين، فقال رجل لابن أبي ليلى: بغير خطبة؟ قال: نعم.

وأخرج البيهقي من طريق أبي قيس، عن هزيل أن عليا أمر رجلا يصلي بضعفة الناس في المسجد أربعا. وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع، عن أبي قيس قال: أظنه عن هزيل، وزاد بعد قوله: أربعا كصلاة الهجير .

وقال البيهقي : يحتمل أن يكون علي أراد ركعتين تحية المسجد، ثم ركعتي العيد مفصولتين عنهما، واستدل على هذا التأويل بما جاء في رواية أخرى أن عليا قال: صلوا يوم العيد في المسجد أربع ركعات؛ ركعتين للسنة، وركعتان للخروج.

قلت: الظاهر أن البيهقي فهم من قوله: ركعتان للسنة أنه أراد تحية المسجد، ومن قوله: وركعتان للخروج أنه أراد ركعتي العيد. والظاهر أن الأمر ليس كذلك، وأنه أراد بقوله: ركعتان للسنة ركعتي العيد، وأراد بقوله: وركعتان للخروج، أي: لترك الخروج إلى المصلى، ويدل على ذلك أن ابن أبي شيبة أخرجه في المصنف فقال: حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن الحكم، عن حنش قال: قيل لعلي بن أبي طالب : إن ضعفة من ضعفة الناس لا يستطيعون الخروج إلى الجبانة، فأمر رجلا يصلي بالناس أربع ركعات: ركعتين للعيد، وركعتين لمكان خروجهم إلى الجبانة.

وحدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق أن عليا أمر رجلا يصلي بضعفة الناس في المسجد ركعتين. فظهر بما تقدم ضعف ما تأوله البيهقي .

وأيضا فإن الحديث الذي أورده من طريق أبي قيس هو الأودي اسمه عبد الرحمن بن ثروان قد تكلم فيه؛ قال أحمد: لا يحتج بحديثه، وقال البيهقي نفسه في موضع آخر من كتابه: مختلف في عدالته، وقال أبو حاتم: لين الحديث، ولكن وثقه ابن معين مرة. وقال مرة: لا شيء، وقال مرة أخرى: هو كذاب بن كذاب .




الخدمات العلمية