الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا يفطر بقبلة زوجته ولا بمضاجعتها ما لم ينزل لكن يكره ذلك إلا أن يكون شيخا أو مالكا لإربه فلا بأس بالتقبيل وتركه أولى .

وإذا كان يخاف من التقبيل أن ينزل فقبل وسبق المني أفطر لتقصيره .

التالي السابق


(ولا يفطر بقبلة زوجته ولا بمضاجعتها ما لم ينزل ) أي : إن أنزل بمباشرة فيما دون الفرج أو لمس أو قبلة أفطر لأنه أنزل بمباشرة هذا ما ذكره الجمهور وذكر الإمام أن شيخه حكى وجهين فيما إذا ضم امرأة إلى نفسه وبينهما حائل قال وهو عندي كسبق الماء في صورة المضمضة فإن ضاجعها متجردا والتقت البشرتان فهو كصورة المبالغة في المضمضة وفي شرح المنهاج لو قبلها وفارقها ساعة ثم أنزل فالأصح إن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائما حتى أنزل أفطر وإلا فلا قاله في البحر (لكن يكره ذلك) أي : تقبيلها ومضاجعتها للشاب إذا حركت القبلة شهوته ولم يأمن على نفسه ولذا قال (إلا أن يكون شيخا) [ ص: 213 ] والمعانقة واللمس ونحوهما بلا حائل كالقبلة وسواء كان رجلا أو امرأة كما في المهمات (أو) شابا إلا أنه كان (مالكا لإربه) وإليه الإشارة في حديث عائشة : "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل بعض نسائه وكان أملككم لإربه " (فلا بأس بالتقبيل وتركه أولى) حسما للباب إذ قد يظنها غير محركة ولأن الصائم يسن له ترك الشهوات مطلقا وروى أبو داود بإسناد جيد عن أبي هريرة : أنه -صلى الله عليه وسلم- سأله رجل عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فنهاه ، فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب ، وهو يفيد التفصيل الذي ذكره المصنف قال أصحابنا : المباشرة كالتقبيل في ظاهر الرواية خلافا لمحمد في المباشرة الفاحشة وهي تجردهما متلاصقي البطنين وهذا أخص من مطلق المباشرة وهو المفاد في الحديث المتقدم فجعل الحديث دليلا على محمد محل نظر إذ لا عموم للفعل المثبت في أقسامه بل ولا في الزمان وقول محمد هو رواية الحسن عن أبي حنيفة وقال الرافعي ومن كرهنا له القبلة فهل ذلك على سبيل التحريم أو التنزيه ؟ حكى في التتمة فيه وجهين :

والأول : هو المذكور في التهذيب وصحح النووي في المنهاج هذا القول لأن فيه تعريضا لإفساد العبادة ولخبر الصحيحين : "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " .

وقال أصحابنا : الأوجه الكراهة لأنها إذا كانت سببا غائبا تنزل سببا فأقل الأمور ولزوم الكراهة من غير ملاحظة تحقق الخوف بالفعل (وإذا كان يخاف من التقبيل) أو اللمس (أن ينزل) أي : كان ممن خاف ذلك (فقبل) أو لمس (وسبق المني أفطر لتقصيره) في ذلك وقد كان يمكنه الاحتراس منه وقال أحمد : إن لمس فأمذى فسد صومه وعليه القضاء وعند الأئمة الثلاثة صومه صحيح .




الخدمات العلمية