الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا رفعت رأسك من الركوع فقل : " سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد " ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد " أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد "

التالي السابق


( فإذا رفعت رأسك من الركوع فقل: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد") رواه البخاري عن يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد".

وأخرجه مسلم من رواية عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن الزهري، ومن رواية هجين بن المثنى، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، إلا أنه قال: "ربنا ولك" بإثبات الواو، وهذه الرواية علقها البخاري لعبد الله بن صالح، عن الليث عقب رواية يحيى بن بكير، ووصلها من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري.

وأخرجها النسائي من رواية يونس بن يزيد، عن الزهري، وهي عند أحمد من رواية معمر، عن الزهري.

ووقع بالواو أيضا في حديث رفاعة بن رافع عند البخاري كما سبق للمصنف في الباب الأول من هذا الكتاب، لكنه ليس من لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- ووقع من غير واو في حديث [ ص: 95 ] أبي سعيد، وعلي، وابن أبي أوفى، وابن عباس، وكلها في مسلم .

واختلف في تخريج الواو فقيل: هي عاطفة على شيء محذوف، وعلى ذلك اقتصر ابن دقيق العيد، وقيل: هي حالية، وبذلك جزم ابن الأثير في النهاية، وقيل: هي زائدة، وقد تقدم الكلام على ذلك مفصلا في كتاب الصلاة، فراجعه إن شئت .

وقال عبد بن حميد: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد" .

( ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد)
رواه مسلم وأبو داود من طريق أبي معاوية ووكيع، كلاهما عن الأعمش. ورواه أحمد، عن وكيع. ورواه أبو داود أيضا، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عبيد. وقال أبو داود بعد تخريجه: رواه شعبة وسفيان الثوري، عن عبيد بن الحسن، لم يذكر فيه: "بعد الركوع". اهـ .

قال الحافظ: والأعمش حافظ، فزيادته معتمدة، وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، حدثنا عمي، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع قال" فساقه بمثل الحديث السابق، إلا أن فيه زيادة بعد قوله: "وملء الأرض": "وملء ما بينهما" رواه مسلم والنسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ومسلم أيضا من طريق أبي النضر، وأبو داود من طريق معاذ بن معاذ، والترمذي من طريق سليمان بن داود، أربعتهم عن عبد العزيز.

وأخرجه الترمذي أيضا عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي.

وأخرجه الدارمي، عن يحيى بن حسان، عن عبد العزيز، وقال الدارمي أيضا: أخبرنا مروان بن محمد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، حدثنا عطية بن قيس بن قزعة بن يحيى، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إذا رفع رأسه من الركوع" فذكر مثل حديث ابن أبي أوفى، وزاد بعد قوله: "من شيء بعد": ( "أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد") وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن الدارمي.

وأخرجه أحمد، عن الحكم بن نافع، وأبو داود وابن خزيمة من رواية أبي مسهر، وعبد الله بن يوسف، وأبو داود أيضا من رواية بشر بن بكر، والنسائي من رواية مخلد بن يزيد، خمستهم عن سعيد بن عبد العزيز، ووقع في رواية بعضهم: "اللهم ربنا" وذكر أبو داود في رواية عبد الله بن يوسف: "ربنا ولك الحمد" بزيادة واو .

قال الطبراني في الدعاء: حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن يوسف التنيسي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قزعة، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا رفع رأسه من الركوع: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا ولك الحمد" فذكر الحديث مثله، لكنه قال: "لا نازع لما أعطيت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".

أخرجه أبو داود، عن محمد بن محمد بن مصعب، وابن خزيمة، عن زكريا بن يحيى بن أبان، والطحاوي، عن مالك بن عبد الله بن سيف، والبيهقي من طريق المقدام بن داود، أربعتهم عن عبد الله بن يوسف.

وقد جاء هذا الدعاء مختصرا من حديث ابن عباس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع قال: "اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" أخرجه أحمد ومسلم والنسائي والحسن بن سفيان وأبو نعيم، كلهم من طريق هشام بن حسان، عن قيس بن سعد، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس.




الخدمات العلمية