الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم ضبط المحقرات عسير فإن رد الأمر إلى العادات فقد جاوز الناس المحقرات في المعاطاة إذ يتقدم الدلال إلى البزاز يأخذ منه ثوبا ديباجا ، قيمته عشرة دنانير مثلا ، ويحمله إلى المشتري ويعود إليه بأنه ارتضاه فيقول له خذ عشرة فيأخذ من صاحبه العشرة ويحملها ويسلمها إلى البزاز فيأخذها ويتصرف ، فيها ومشتري الثوب يقطعه ولم يجر بينهما إيجاب ، وقبول ، أصلا وكذلك يجتمع ، المجهزون على حانوت البياع فيعرض متاعا ، قيمته مائة دينار مثلا ، فيمن يزيد ، فيقول أحدهم هذا علي بتسعين ويقول الآخر هذا علي بخمسة وتسعين ويقول الآخر هذا بمائة فيقال له : زن فيزن ويسلم ويأخذ المتاع من غير إيجاب وقبول فقد استمرت به العادات وهذه من المعضلات التي ليست تقبل العلاج إذ الاحتمالات ثلاثة .

إما فتح باب المعاطاة مطلقا في الحقير والنفيس وهو محال ; إذ فيه نقل الملك من غير لفظ دال عليه وقد ، أحل الله البيع والبيع : اسم للإيجاب والقبول ، ولم يجر ولم ينطلق اسم البيع على مجرد فعل بتسليم وتسلم فبماذا يحكم بانتقال الملك من الجانبين لا ، سيما في الجواري ، والعبيد ، والعقارات ، والدواب النفيسة وما يكثر التنازع فيه إذ للمسلم أن يرجع ويقول : قد ندمت وما بعته ، إذ لم يصدر مني إلا مجرد تسليم ، وذلك ليس ببيع .

الاحتمال الثاني : أن نسد الباب بالكلية كما قال الشافعي رحمه الله من بطلان العقد وفيه إشكال من وجهين .

أحدهما : أنه يشبه أن يكون ذلك في المحقرات معتادا في زمن الصحابة ولو كانوا يتكلفون الإيجاب والقبول من البقال ، والخباز ، والقصاب لثقل عليهم فعله ، ولنقل ذلك نقلا منتشرا ولكان يشتهر وقت الإعراض بالكلية عن تلك العادة فإن ; الأعصار في مثل هذا تتفاوت .

والثاني أن الناس الآن قد انهمكوا فيه فلا يشتري الإنسان شيئا من الأطعمة ، وغيرها إلا ويعلم أن البائع قد ملكه بالمعاطاة فأي فائدة في تلفظه بالعقد ، إذا كان الأمر كذلك .

الاحتمال الثالث : أن يفصل بين المحقرات وغيرها ، كما قاله أبو حنيفة رحمه الله وعند ذلك يتعسر الضبط في المحقرات ، ويشكل وجه نقل الملك من غير لفظ يدل عليه ، وقد ذهب ابن سريج إلى تخريج قول للشافعي رحمه الله على وفقه وهو أقرب الاحتمالات إلى الاعتدال ، فلا بأس لو ملنا إليه لمسيس الحاجات ; ولعموم ذلك بين الخلق ولما يغلب على الظن بأن ذلك كان معتادا في الأعصار الأولى .

فأما الجواب عن الإشكالين فهو أن نقول :

أما الضبط في الفصل بين المحقرات وغيرها ، فليس علينا تكلفة بالتقدير ، فإن ذلك غير ممكن بل له طرفان واضحان ; إذ لا يخفى أن شراء البقل ، وقليل من الفواكه ، والخبز ، واللحم ، من المعدود من المحقرات ، التي لا يعتاد فيها إلا المعاطاة وطالب الإيجاب والقبول فيه يعد مستقصيا ويستبرد تكليفه لذلك ، ويستثقل وينسب إلى أنه يقيم الوزن لأمر حقير ولي وجه له هذا طرف الحقارة . والطرف الثاني : الدواب والعبيد والعقارات والثياب النفيسة فذلك مما لا يستبعد تكلف الإيجاب والقبول فيها وبينهما أوساط متشابهة ، يشك فيها ، هي في محل الشبهة فحق ذي الدين أن يميل فيها إلى الاحتياط ، وجميع ضوابط الشرع فيما يعلم بالعادة كذلك ينقسم إلى أطراف واضحة وأوساط ، مشكلة .

وأما الثاني : وهو طلب سبب لنقل الملك فهو أن يجعل الفعل باليد أخذا وتسليما سببا لعينه بل لدلالته وهذا الفعل قد دل على مقصود البيع دلالة مستمرة في العادة وانضم إليه مسيس الحاجة وعادة الأولين واطراد جميع العادات بقبول الهدايا من غير إيجاب وقبول مع التصرف فيها وأي فرق بين أن يكون فيه عوض أو لا يكون إذ الملك لا بد من نقله في الهبة أيضا ، إلا أن العادة السالفة ، لم تفرق في الهدايا بين الحقير والنفيس ، بل كان طلب الإيجاب والقبول يستقبح فيه كيف كان ، وفي المبيع لم يستقبح في غير المحقرات هذا ما نراه أعدل الاحتمالات وحق الورع المتدين أن لا يدع الإيجاب والقبول للخروج عن شبهة الخلاف فلا ينبغي أن يمتنع من ذلك لأجل أن البائع قد تملكه بغير إيجاب وقبول فإن ذلك لا يعرف تحقيقا ، فربما اشتراه بقبول وإيجاب ، فإن كان حاضرا عند شرائه ، أو أقر البائع به فيمتنع ، منه ، وليشتر من غيره ، فإن كان الشيء محقرا وهو إليه محتاج ، فليتلفظ بالإيجاب والقبول فإنه يستفيد به قطع الخصومة في المستقبل معه ، إذ الرجوع من اللفظ الصريح غير ممكن ، ومن الفعل ممكن .

فإن قلت فإن : أمكن هذا فيما يشتريه ، فكيف يفعل إذا حضر في ضيافة أو على مائدة وهو يعلم أن أصحابها يكتفون بالمعاطاة في البيع والشراء أو سمع منهم ذلك أو رآه أيجب عليه الامتناع من الأكل فأقول : يجب عليه الامتناع من الشراء ، إذا كان ذلك الشيء الذي اشتروه مقدارا نفيسا ، ولم يكن من المحقرات .

وأما الأكل فلا يجب الامتناع منه فإني أقول إن ترددنا في جعل الفعل دلالة على نقل الملك ، فلا ينبغي أن لا نجعله دلالة على الإباحة ، فإن أمر الإباحة أوسع ، وأمر نقل الملك أضيق

التالي السابق


ولما ذكرنا من اختلافهم في المحقرات، أشار المصنف بقوله: (ثم ضبط المحقرات عسر) ولم يوجد لها [ ص: 443 ] ضابط صحيح يعتمد عليه (فإن رد الأمر إلى العادات) أي: فيما يعتادون فيها، ويعتادونه بيعا (فقد جاوز الناس المحقرات في المعاطاة) عن الحدود (إذ يتقدم الدلال) وهو الواسطة في التبايع (إلى) دكان (بزاز) مثلا، و (يأخذ منه ثوب ديباج، قيمته عشرة دنانير مثلا، ويحمله إلى المشتري) فيريه إياه، ويخبره عن ثمنه (ويعود إليه) أي: إلى البزاز (بأنه) أي: المشتري (ارتضاه) ثوبا، وثمنا (فيقول) أي: البزاز (له) أي: للدلال: (خذ) منه (عشرة) دنانير (فيأخذ) الدلال (من صاحبه) وهو المشتري (العشرة) المسماة (ويسلمه إلى البزاز) ثمن ثوبه (فيأخذها، فيتصرف فيها) كيف شاء .

(ومشتري الثوب يقطعه) لنسائه، وبناته (ولم يكن بينهما إيجاب، وقبول، أصلا، ويجتمع المجهزون) أي: الذين يهيئون أهبة الجهاز للعروس (على حانوت البياع) أي: دكانه، 7 أو موصلته (فيعرض) لهم (متاعا، قيمته مائة دينار مثلا، فيمن يزيد، فيقول هذا) أي: الواحد منهم: (علي بتسعين) دينارا (ويقول الآخر) منهم: علي (بمائة) دينار (فيقول له: زن) دنانيرك، أو عدها (فيزن) الدنانير (ويسلم) لصاحب المتاع (ويأخذ المتاع من غير إيجاب وقبول) من الطرفين .

(وقد استمرت به العادات) من لدن الأعصار السابقة (وهذه من المعضلات) أي: المشكلات (التي ليست تقبل العلاج) ولا ينجح فيها الدواء; (إذ الاحتمالات ثلاثة، إما فتح باب المعاطاة مطلقا في الحقير والنفيس) كما هو الصحيح من مذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد (وهو محال; إذ فيه نقل الملك) من ذمة إلى ذمة (من غير لفظ دال عليه، فقد أحل الله البيع) في كتابه العزيز (والبيع: اسم للإيجاب والقبول، ولم يجر) إيجاب ولا قبول (ولا ينطلق لفظ البيع على مجرد فعل بتسليم وتسلم) والأفعال لا دلالة لها بالوضع، ونيات الناس فيها تختلف .

(فبماذا يحكم بانتقال الملك من الجانبين، ولا سيما في) المبيعات الخطيرة، ذوات القيم (مثل الجواري، والعبيد، والعقارات، والدواب النفيسة) وهي صفة لكل ما ذكر (وما يكثر التنازع فيها) والتنافس عليها في شرائها، وتناط الرغبات بها (إذ للمسلم أن يرجع) في متاعه على المسلم إليه (ويقول: قد ندمت) على فعلي (وما بعته، إذ لم يصدر مني إلا مجرد تسليم، وذلك ليس ببيع) شرعا، وما ذكر في هذا الاحتمال من عدم انطلاق لفظ البيع على مجرد فعل، هو مذهب الشافعي، رضي الله عنه، وأما عند أبي حنيفة، وأصحابه، فكما يلزم البيع بالقول، يلزم بالفعل، وينعقد بكل منهما، كما قدمنا من سياق صاحب البدائع، وبه يعرف جواز انتقال الملك من الجانبين بالمبادلة بالفعل .

ثم قال: (الاحتمال الثاني: أن يسد الباب) أي: باب المعاطاة مطلقا، فلا يحكم بانعقاد البيع به (كما قاله الشافعي) رضي الله عنه، وعلى ما ذكر ابن هبيرة في الإفصاح: إحدى الروايتين عن أبي حنيفة، وأحمد، والعهدة عليه في نقل ذلك (وفيه إشكال من وجهين: أحدهما: أنه يشبه أن يكون ذلك في المحقرات معتادا في زمان الصحابة) رضوان الله عليهم (ولو كانوا يتكلفون الإيجاب والقبول مع البقال، والخباز، والقصاب) ومن أشبههم (لثقل عليهم فعله، ولنقل ذلك) عنهم إلينا (نقلا منتشرا) ولم يخف عمن جاء بعدهم (ولكان يشتهر وقت الإعراض بالكلية عن تلك العادة; لأن الأعصار في مثل هذا تتفاوت) والأخبار تنقل .

(والثاني أن الناس الآن قد انهمكوا فيه) وابتلوا به (فلا يشتري الإنسان شيئا من الأطعمة، وغيرها إلا ويعلم أن البائع قد ملكه بالمعاطاة) من غير جريان الصيغة (فأي فائدة في لفظه) ؟ أي: تلفظه (بالعقد، إذا كان الأمر كذلك) أي: ما ذكرنا .

(الاحتمال الثالث: أن يفصل بين المحقرات) من المبيع (وغيرها، كما قاله أبو حنيفة) رضي الله عنه، وعن رواية الكرخي عنه، والمذهب: [ ص: 444 ] عدم التفصيل كما ذكرنا (وعند ذلك يتعسر الضبط في المحقرات، ويشكل وجه نقل الملك من غير لفظ يدل عليه، وقد ذهب) الإمام أبو العباس (ابن سريج) أحمد بن عمر، شيخ الشافعية بالعراق، ومقدمهم، له ترجمة واسعة في طبقات ابن السبكي، وابن كثير، والخيضري (إلى تخريج قول للشافعي) -رضي الله عنه- (على وفقه) أنه يكتفى بها في المحقرات، قال: لأن المقصود الرضا، وبالقرائن يعرف حصوله، قال الرافعي: وبهذا أفتى القاضي الروياني، وغيره، وذكروا لمستند التخريج صورا .

منها: لو عطب الهدي في الطريق، فغمس النعل الذي قلده بها، فضرب بها صفحة سنامه، هل يجوز للمارين الأكل منه؟ ذكروا فيه قولين، وخلافا مذكورا في محله .

ومنها: لو قال لزوجته: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق، فوضعته بين يديه ولم تتلفظ بشيء، يملكه، ويقع الطلاق، وفي الاستشهاد بهذه الصور نظر .

ومنها: لو قال لغيره: اغسل هذا الثوب، فغسله، وهو ممن يعتاد الغسل بالأجرة، هل يستحق الأجرة؟ فيه خلاف، اهـ .

(وهو أقرب الاحتمالات إلى الاعتدال، فلا بأس لو ملنا إليه) وأفتينا به; (لمسيس الحاجات; ولعموم ذلك بين الخلق) فيعسر الخلاص منه; (ولما يغلب على الظن أن ذلك كان معتادا في الأعصار الأول) من السلف الصالحين، وقال الرافعي: وقال مالك: ينعقد البيع بكل ما يعده الناس بيعا، واستحسنه ابن الصباغ، قال النووي في الزيادات: هذا الذي استحسنه ابن الصباغ هو الراجح دليلا، وهو المختار; لأنه لم يصح في الشرع اشتراط لفظ، فوجب الرجوع إلى العرف، كغيره من الألفاظ، وممن اختاره: المتولي، والبغوي، وغيرهما، والله أعلم .

(فأما الجواب عن الإشكالين) المتقدمين في الاحتمال الثاني (فهو أن نقول: أما الضبط في الفصل بين المحقرات وغيرها، فليس علينا تكلفه بالتقدير، فإن ذلك) لعسره (غير ممكن) وضبطه غير متيسر (بل له طرفان واضحان; إذ لا يخفى أن شراء البقل، وقليل من الفواكه، والخبز، واللحم، من المعدود في المحقرات، التي لا يعتاد فيها إلا المعاطاة) أي: أخذها بالتعاطي (وطالب الإيجاب والقبول فيه يعد مستقصيا) ومتعنتا (ويستبرد تكلفه لذلك، ويستثقل) بين العامة (وينسب إلى أنه يقيم الوزن لأمر حقير لا وزن له) ولا قيمة (فهذا طرف الحقارة .

والطرف الثاني: الدواب) الفارهة (والعبيد) والجواري (والعقارات) الفاخرة (والثياب النفيسة) ونحوها، مما يتنافس فيه (فذلك مما لا يستبعد تكلف الإيجاب والقبول فيها) ولا يستبرد، ولا يعد مستقصيا .

(وبينهما) أي: بين الطرفين (أواسط) أي: درجات متوسطة (متشابهة، يشك فيها، هي في محل الشبهة) ومثارها (فحق ذي الدين) القابض عليه (أن يميل فيها إلى الاحتياط، وجميع ضوابط الشرع فيما يعلم بالعادة كذلك ينقسم إلى أطراف واضحة، وأواسط مشكلة) فمن عامل بالأطراف; لوضوحها، ومن عامل بالأواسط، لاعتدالها مع إشكالها، ومن محتاط في كل ذلك .

(وأما الثاني: وهو طلب سبب لنقل الملك) من ذمة إلى ذمة (فهو أن يجعل الفعل باليد أخذا) كان (أو تسليما سببا لعينه) ; إذ اللفظ لم يكن سببا لعينه (بل لدلالته) عليه (وهذا الفعل قد دل على مقصود البيع دلالة مستمرة في العادة) الجارية بين الناس (وانضم إليه مسيس الحاجة) وداعية الضرورة (وعادة الأولين) من السلف الصالحين (واطراد جميع العادات بقبول الهدايا من غير إيجاب و) لا (قبول مع التصرف فيها) كما يتصرف في المتملكات (وأي فرق بين أن يكون فيه عوض أو لا يكون) ؟! وهو جواب عما يستدرك عليه، فيقال بالفرق بين البيوع والهدايا بالعوض، وغيره، وحاصله: أنه لا ينظر إلى هذا الفرق، فإنه غير مؤثر (إذ الملك لا بد من نقله في الهبة أيضا، إلا أن العادة السالفة، لم تفرق في الهدايا بين الحقير والنفيس، بل كان طلب الإيجاب والقبول يستقبح فيه) ويستبرد من صاحبه (كيف كان، وفي البيع لم يستقبح في غير المحقرات) والخسائس .

[ ص: 445 ] (هذا ما نراه أعدل الاحتمالات) الثلاثة (وحق الورع المتدين) الخائف على دينه (أن لا يدع الإيجاب والقبول) أي: إجراء الصيغة في البيع والشراء; (للخروج عن شبهة الخلاف) بين الأئمة في هذه المسألة (فلا ينبغي أن يمتنع من ذلك) أي: عن إجراء هذه الصيغة، متعللا (بأن البائع قد يملكه بغير إيجاب وقبول) على رأي من يرى ذلك (فإن ذلك لا يعرفه تحقيقا، فربما اشتراه بإيجاب وقبول، فإن كان حاضرا عند شرائه، أو أقر البائع به، فليمتنع منه، وليشتر من غيره، فإن كان الشيء محقرا) خسيسا (وهو إليه محتاج، فليتلفظ) بالصيغة (فإنه يستفيد به قطع الخصومة) والاختلاف (في المستقبل معه، إذ الرجوع من اللفظ الصريح غير ممكن، ومن الفعل) بالتسليم والتسلم من غير لفظ (ممكن) قد يفضي ذلك إلى خصومة، ونزاع بين الجانبين .

(فإن قلت: إن أمكن هذا فيما يشتريه، فكيف يفعل إذا حضر في ضيافة) ؟ بالكسر، اسم من ضيفته، وأضفته، إذا أنزلته إليك ضيفا (أو على مائدة) من الطعام، دعي إليها في وليمة، أو غيرها (وهو يعلم) ويتحقق (أن أصحابها يقنعون) في بياعاتهم (بالمعاطاة) من غير إجراء لفظ الصيغة (إذ سمع منهم ذلك) بإقرارهم على أنفسهم (أو رآه) منهم بعينه يعاملون كذلك (أيجب عليه الامتناع من الأكل) أم لا؟ (فأقول: يجب عليه الامتناع من الشراء، إذا كان ذلك الشيء الذي اشتروه مقدارا نفسيا، ولم يكن من المحقرات) عملا بأعدل الاحتمالات (وأما الأكل: فلا يجب الامتناع) منه (فإني أقول إن ترددنا في جعل الفعل دلالة على نقل الملك، فلا ينبغي أن نجعله دلالة على الإباحة، فإن أمر الإباحة أوسع، وأمر نقل الملك أضيق) فما صلح أن يكون دالا على نقل الملك، يصلح أن يكون دالا على الإباحة .




الخدمات العلمية