الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما الحريص على الدنيا فصحبته سم قاتل ؛ لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه فمجالسة الحريص على الدنيا تحرك الحرص ومجالسة الزاهد تزهد في الدنيا فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا ويستحب صحبة الراغبين في الآخرة .

قال علي عليه السلام : أحيوا الطاعات بمجالسة من يستحيا منه .

وقال أحمد بن حنبل رحمه الله ما أوقعني في بلية إلا صحبة من لا أحتشمه .

، وقال لقمان يا بني ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ؛ فإن القلوب لتحيا بالحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل القطر .

التالي السابق


ثم قال المصنف مشيرا إلى الشرط الخامس:

(وأما الحريص على الدنيا فصحبته سم قاتل؛ لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء) في الأحوال والأوصاف (بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يريده صاحبه) ومنه قول العامة: الطبع سراق (فمجالسة الحريص على الدنيا تحرك الحرص) على الدنيا (ومجالسة الزاهد تزهد في الدنيا) وتقللها في عينه (فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا وتستحب صحبة الراغبين في الآخرة) فقد روى الطبراني في الكبير والخرائطي [ ص: 204 ] في مكارم الأخلاق والعسكري في الأمثال من حديث أبي جحيفة: جالسوا العلماء وسائلوا الكبراء وخالطوا الحكماء. رواه من طريق أبي مالك النخعي عن سلمة بن كهيل عن أبي جحيفة به مرفوعا، رواه العسكري أيضا من طريق إسحاق بن الربيع العصفري، حدثنا أبو مالك نحوه، ومن طريق مسعر عن أبي جحيفة قال: كان يقال: جالس الكبراء وخالط العلماء وخالل الحكماء. موقوف، وفي حديث ابن عباس قيل: يا رسول الله، من نجالس؟ قال: من ذكركم الله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه، وذكركم الآخرة عمله". رواه العسكري في الأمثال .

(قال علي -رضي الله عنه-: أحيوا الطاعات بمجالسة من يستحيا منه) ؛ وذلك لأن الصحبة مؤثرة، فإذا جالس من يحتشم منه وجد لذة الحشمة والوقار في نفسه فيسري ذلك في طاعاته. (وقال) أحمد (بن حنبل) رحمه الله: (ما أوقعني في بلية إلا صحبة من لا أحتشم منه، وقال لقمان) الحكيم (لابنه) وهو يعظه (يا بني، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإن القلوب تحيا بالحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر) . رواه مالك في الموطأ، وقد تقدم في كتاب العلم، وروى الديلمي من حديث أنس: "جالس العلماء تعرف في السماء، ووقر كبير المسلمين تجاور في الجنة"، ومن حديث ابن عباس "مجالسة العلماء عبادة".




الخدمات العلمية