الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والأعمال الصادرة عن خلق الكبر كثيرة، وهي أكثر من أن تحصى، فلا حاجة إلى تعدادها؛ فإنها مشهورة، فهذا هو الكبر، وآفته عظيمة، وغائلته هائلة، وفيه يهلك الخواص من الخلق، وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء، فضلا عن عوام الناس، وكيف لا تعظم آفته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر » وإنما صار حجابا دون الجنة ؛ لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلها ، وتلك الأخلاق هي أبواب الجنة والكبر وعزة النفس يغلق تلك الأبواب كلها ؛ لأنه لا يقدر على أن يحب المؤمنين ما يحب لنفسه وفيه شيء من العز ولا يقدر على التواضع وهو رأس أخلاق المتقين وفيه العز ولا يقدر على ترك الحقد وفيه العز ، ولا يقدر أن يدوم على الصدق وفيه العز ولا يقدر على ترك الغضب وفيه العز ولا يقدر على كظم الغيظ وفيه العز ، ولا يقدر على ترك الحسد وفيه العز ولا يقدر على النصح اللطيف وفيه العز ولا يقدر على قبول النصح وفيه العز ، ولا يسلم من الازدراء بالناس ومن اغتيابهم وفيه العز ، ولا معنى للتطويل فما من خلق ذميم إلا وصاحب العز والكبر مضطر إليه ؛ ليحفظ عزه ، وما من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه ؛ خوفا من أن يفوته عزه ، فمن هذا لم يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة منه .

التالي السابق


(والأعمال الصادرة عن خلق الكبر كثيرة، وهي أكثر من أن تحصى، فلا حاجة إلى تعدادها؛ فإنها مشهورة، فهذا هو الكبر، وآفته عظيمة، وغائلته هائلة، وفيه تهلك الخواص من الخلق، وقلما تنفك عنه العباد والزهاد والعلماء، فضلا عن عوام الناس، وكيف لا تعظم آفته وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر") ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان .

رواه القشيري في الرسالة، عن أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى المزكي، أخبرنا أبو الفضل الجوهري، أخبرنا علي بن الحسن، أخبرنا يحيى بن حماد، حدثنا شعبة، عن أبان بن تغلب، عن فضيل الفقيمي، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره، وقد تقدم أنه من أفراد مسلم.

(وإنما صار حجابا دون الجنة؛ لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلها، وتلك الأخلاق هي أبواب الجنة) أي: بمنزلة الأبواب التي هي مفاتيح للجنة (والكبر والعزة يغلق تلك الأبواب كلها؛ لأنه لا يقدر على أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه وفيه شيء من العز) وقد روى الشيخان من حديث أنس: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه [ ص: 362 ] ما يحب لنفسه".

(ولا يقدر على التواضع وهو رأس أخلاق المتقين وفيه العز) إذ لا يتم التقوى إلا بالتواضع (ولا يقدر على ترك الحقد وفيه العز، ولا يقدر على أن يدوم على الصدق) في القول والعمل (وفيه العز، ولا يقدر على ترك الحسد وفيه العز) لأن كبره يجره إلى العنف في النصح (ولا يقدر على قبول النصح وفيه العز، ولا يسلم من الازدراء بالناس) والاحتقار لهم (وفيه العز، ولا معنى للتطويل) في مثل هذا (فما من خلق ذميم إلا وصاحب الكبر والعز مضطرا إليه؛ ليحفظ به عزه، وما من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه؛ خوفا من أن يفوت عزه، فمن هذا) المعنى (لم يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة منه) كما أخبر به صلى الله عليه وسلم .




الخدمات العلمية