الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما السحر فإن كان فيه كفر فكبيرة ، وإلا فعظمته بحسب الضرر الذي يتولد منه من هلاك نفس ، أو مرض ، أو غيره .

التالي السابق


(وأما السحر فإن كان فيه كفر فكبيرة، وإلا فعظمته على حسب الضرر الذي يتولد منه من هلاك نفس، أو مرض، أو غيره) .

اعلم أن السحر أقسام:

أولها: سحر الكسدانيين الذين بعث إليهم إبراهيم عليه السلام مبطلا لمقالاتهم، وهم فرق ثلاث .

الثاني: سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية .

الثالث: الاستعانة بالأرواح الأرضية، وهذه الأنواع الثلاثة أنكرها المعتزلة.

الرابع: التخيلات، والأخذ بالعيون .

الخامس: الأعمال الغريبة التي تظهر من تركيب الآلات على النسب الهندسية .

السادس: الاستعانة بخواص الأدوية المزيلة للعقل، ونحوها .

السابع: تعليق القلب بأن يدعي أنه يعرف الاسم الأعظم، وأن الجن تطيعه فيعلق به قلب غيره فيتمكن الساحر أن يفعل فيه ما يشاء .

وحكي عن الشافعي أنه قال: السحر يخيل ويمرض ويقتل، والقصاص واجب على من قتل به، وهو من عمل الشيطان .

وقيل: إنه يؤثر في قلب الأعيان، وقيل: الأصح أنه كذلك، لكنه يؤثر في الأبدان بالأمراض والموت والجنون .



واختلف العلماء في الساحر هل يكفر أم لا؟ وليس من محل الخلاف النوعان الأولان، وأما النوع الثالث فالمعتزلة وحدهم كفروه، وأما بقية أنواعه فقال جماعة: إنه كفر مطلقا، وقال الشافعي وأصحابه بعدم الكفر .

وهل تقبل توبة الساحر؟ فالنوعان الأولان معتقد أحدهما مرتد، فإن تاب وإلا قتل. وقال مالك وأبو حنيفة: لا تقبل توبتهما. وأما النوع الثالث وما بعده، فإن اعتقد أن فعله مباح قتل لكفره، وإن اعتقد أنه حرام فعند الشافعي أنه جناية، فإذا فعله بالغير وأقر أنه يقتل غالبا قتل; لأنه عمد أو نادرا فهو شبه عمد أو أخطأ من اسم غيره إليه فهو خطأ، والدية على العاقلة إن صدقته إذ لا يقبل إقراره إليهم .

وعن أبي حنيفة إن أقر بأني كنت أسحر مدة، وقد تركت ذلك منذ زمان قبل منه، ولم يقتل، وقد ظهر بالآيات والأخبار أن سائر أنواعه كفر. وقال به كثيرون فلا أقل من كونها كبيرة لا سيما مع ما ورد فيه من الوعيد الشديد، والزجر البليغ .




الخدمات العلمية