الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقال أيضا في آخر كتابه -كتاب الإجماع هذا-: كل ما كتبنا فهو يقين لا شك فيه، متيقن لا يحل لأحد خلافه البتة.

قلت: فقد اشترط في الإجماع ما يشترطه كثير من أهل الكلام والفقه كما تقدم، وهو العلم بنفي الخلاف، وأن يكون العلم بالإجماع متواترا. وجعل العلم بالإجماع من العلوم الضرورية كالعلم بعلوم الأخبار المتواترة عند الأكثرين. ومعلوم أن كثيرا من الإجماعات التي حكاها ليست قريبا من هذا الوصف، فضلا عن أن تكون منه، فكيف وفيها ما فيه خلاف معروف، وفيها ما هو نفسه ينكر الإجماع فيه ويختار خلافه من غير ظهور مخالف!

وقد قال: إنما نعني بقولنا: "العلماء" من حفظ عنه الفتيا.

وقال: وأجمعوا أنه لا يجوز التوضؤ بشيء من المائعات وغيرها حاشا الماء والنبيذ.

قلت: وقد ذكر العلماء عن ابن أبي ليلى - وهو من أجل من يحكي ابن حزم قوله- أنه يجزئ الوضوء بالمعتصر كماء الورد ونحوه، كما ذكروا ذلك عن الأصم، لكن الأصم ليس ممن يعده ابن حزم في الإجماع.

وقال: وأما الماء الجاري فاتفقوا على جواز استعماله ما لم تظهر فيه نجاسة.

قلت: الشافعي في الجديد من قوليه وأحد القولين في مذهب أحمد أن الجاري كالراكد في اعتبار القلتين، فينجس ما دون القلتين بوقوع النجاسة فيه وإن لم تظهر فيه. [ ص: 327 ]

وقال: واتفقوا على أن غسل الذراعين إلى منتهى المرفقين فرض في الوضوء.

قلت: وزفر يخالف في وجوب غسل المرفقين. وحكي ذلك عن داود وبعض المالكية، اللهم إلا أن يعني بمنتهى المرفقين منتهاهما من جهة الكف.

قال: واتفقوا على أن الاستنجاء بالحجارة وبكل طاهر ما لم يكن طعاما أو رجيعا أو نجسا أو جلدا أو عظما أو فحما أو حممة جائز. قلت: في جواز الاستجمار بغير الأحجار قولان معروفان هما روايتان عن أحمد، إحداهما لا يجزئ إلا بالحجر، وهي اختيار أبي بكر ابن المنذر وأبي بكر عبد العزيز.

قال: واتفقوا على أن كل إناء لم يكن فضة ولا ذهبا ولا صفرا ولا رصاصا ولا نحاسا ولا مغصوبا ولا إناء كتابي ولا جلد ميتة ولا جلد ما لا يؤكل لحمه وإن ذكي، فإن الوضوء منه والأكل والشرب جائز كل ذلك.

قلت: الآنية الثمينة التي تكون أغلى من الذهب والفضة كالياقوت ونحوه، فيها قولان للشافعي، وفي مذهب مالك قولان.

قال: وأجمعوا أن الحائض وإن رأت الطهر ما لم تغسل فرجها أو تتوضأ فوطؤها حرام.

قلت: أبو حنيفة يقول: إذا انقطع دمها لأكثر الحيض أو مر عليها وقت صلاة جاز وطؤها، وإن لم تغتسل ولم تتوضأ ولم تغسل فرجها.

قال: واتفقوا أن الصلاة لا تسقط ولا يحل تأخيرها عمدا عن [ ص: 328 ] وقتها عن العاقل البالغ بعذر أصلا، وأنها تؤدى على قدر طاقة المرء من جلوس واضطجاع، بإيماء وكيف أمكنه.

قلت: النزاع معروف في صور، منها حال المسايفة، فأبو حنيفة يوجب التأخير، وأحمد في إحدى الروايتين يجوزه. ومنها المحبوس في مصر. ومنها عادم الماء والتراب، فمذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب مالك أنه لا يصلي، رواه معن عن مالك، وهو قول أصبغ، وحكي ذلك قولا للشافعي ورواية عن أحمد. وهؤلاء في الإعادة لهم قولان هما روايتان في مذهب مالك وأحمد، والقضاء قول أبي حنيفة.

قال: واتفقوا على أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة، فإن فعلوا فصلاتهم فاسدة بالإجماع. قال: وروي عن أشهب أن من ائتم بامرأة وهو لا يدري حتى خرج الوقت ثم علم، فصلاته تامة، وكذا من ائتم بكافر وهو لا يعلم أنه كافر.

قلت: ائتمام الرجال الأميين بالمرأة القارئة في قيام رمضان يجوز في المشهور عن أحمد، وفي سائر التطوع روايتان.

قال: واتفقوا على أن وضع الرأس في الأرض والرجلين في السجود فرض.

قلت: المنقول عن أبي حنيفة أنه لا يجب السجود إلا على الوجه، وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد. ويقتضي هذا أنه لو سجد على يديه ووجهه وركبتيه أجزأه.

قال: واتفقوا على أن الفكرة في أمور الدنيا لا تفسد الصلاة. [ ص: 329 ]

قلت: إذا كانت هي الأغلب ففيها نزاع معروف، والبطلان اختيار أبي عبد الله بن حامد وأبي حامد الغزالي.

قال: واتفقوا على جواز الصلاة في كل مكان، ما لم يكن جوف الكعبة أو الحجر أو ظهر الكعبة أو معاطن الإبل، أو مكانا فيه نجاسة، أو حماما أو مقبرة أو إلى قبر أو عليه، أو مكانا مغصوبا يقدر على مفارقته، أو مكانا يستهزأ فيه بالإسلام، أو مسجد الضرار، أو بلاد ثمود لمن لم يدخلها باكيا.

قلت: الصلاة في المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق لا تصح في المشهور عند كثير من أصحاب أحمد بل أكثرهم. والصلاة في الحش كذلك عند جمهورهم، وإن صلى في مكان طاهر منه.

قال: واتفقوا أن صلاة العيدين وكسوف الشمس وقيام ليالي رمضان ليست فرضا، وكذلك التهجد على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: العيدان فرض على الكفاية في ظاهر مذهب أحمد، وحكي عن أبي حنيفة أنهما واجبان على الأعيان. وعن عبيدة السلماني أن قيام الليل واجب كحلب شاة، وهو قول في مذهب أحمد.

قال: واتفقوا أن كل صلاة ما عدا الصلوات الخمس وعلى الجنائز والوتر وما نذره المرء ليست فرضا.

قلت: في وجوب ركعتي الطواف نزاع معروف، وقد ذكر في وجوب المعادة مع إمام الحي وركعتي الفجر والكسوف.

قال: واتفقوا أن من أسقط الجلسة الوسطى من صلاة الظهر والعصر والمغرب والعتمة ساهيا، أن عليه سجدتي السهو. [ ص: 330 ]

قلت: الشافعي لا يوجب سجود السهو.

قال: واتفقوا أن في كل مائتي درهم خمسة دراهم، ما لم يكن حلي امرأة أو حلية سيف أو منطقة أو مصحفا أو خاتما.

قلت: النزاع في كل حلي مباح أو حلي الخوذة والران، وحمائل السيف كالمنطقة في مذهب أحمد وغيره. والذهب اليسير المتصل بالثوب كالطراز الذي لا يتجاوز أربعة أصابع مباح في إحدى الروايتين عنه، وحلية السلاح كله كحلية السيف في إحدى الروايتين عنه.

وللعلماء نزاع في غير ذلك من الحلية.

قال: واتفقوا على أن وقت الوقوف ليس قبل الظهر في التاسع من ذي الحجة.

قلت: أحد القولين -بل أشهرهما- في مذهب أحمد أنه يجزئ الوقوف قبل الزوال وإن أفاض قبل الزوال، لكن عليه دم، كما لو أفاض قبل الغروب.

وقال بعد أن ذكر من محظورات الإحرام اللباس والطيب والتغطية: واتفقوا أنه من فعل من كل ما ذكرنا أنه يجتنبه في إحرامه شيئا عامدا أو ناسيا أنه لا يبطل حجه ولا إحرامه. واتفقوا أن من جادل في الحج فإن حجه لا يبطل ولا إحرامه. واختلفوا فيمن قتل صيدا متعمدا، فقال مجاهد: بطل حجه وعليه الهدي.

قلت: وقد اختار في كتابه ضد هذا، وأنكر على من ادعى هذا الإجماع الذي حكاه هنا، فقال: الجدال بالباطل وفي الباطل عمدا [ ص: 331 ] ذاكرا لإحرامه مبطل لإحرامه والحج، بقوله تعالى: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج . وقال: كل فسوق تعمده المحرم ذاكرا فقد أبطل إحرامه وحجه وعمرته، لقوله تعالى: فلا رفث ولا فسوق .

قال: ومن عجائب الدنيا أن الآية وردت كما تلونا، فأبطلوا الحج بالرفث ولم يبطلوه بالفسوق. وقال: كل من تعمد معصية أي معصية كانت، وهو ذاكر لحجه منذ يحرم إلى أن يتم طوافه بالبيت للإفاضة ورمي جمرة العقبة، فقد بطل حجه. قال: وأعجب شيء دعواهم الإجماع على هذا.

قلت: الإجماع فيه أظهر منه في كثير مما ذكره في كتابه.

قال: واتفقوا أن كل صدقة واجبة في الحج أو إطعام، أنه إن أداه بمكة أجزأه، واختلفوا فيمن أدى ذلك في غير مكة، حاشا جزاء الصيد، فإنهم اتفقوا أنه لا يجزئ إلا بمكة.

قلت: مذهب أبي حنيفة ومالك أنه يجزئ الإطعام في جزاء الصيد في غير مكة. وكذلك عندهما تفرقة اللحم تجزئ في غير الحرم، وإنما الواجب في الحرم عندهما إراقة الدم، بخلاف الشافعي وأحمد ومن وافقهما، فإنهم أوجبوا ذبحه في الحرم، وأوجبوا تفرقته في الحرم. وكذلك الصدقة تقوم مقام ذلك.

قال: واتفقوا أن من يوم النحر -وهو العاشر من ذي الحجة- إلى انسلاخ ذي الحجة وقت لطواف الإفاضة ولما بقي من سنن الحج. قلت: إن أخره عن أيام منى جاز في مذهب الشافعي وأحمد [ ص: 332 ] والليث والأوزاعي وأبي يوسف وغيرهم، وهكذا نقل عن مالك.

وقال أبو حنيفة وزفر والثوري في رواية: إن أخره إلى ثالث أيام التشريق لزمه دم -وهو قول مخرج في مذهب أحمد- وإن أخره إلى المحرم فلا شيء عليه إلا عند مالك، فإنه عليه دم. ولفظ المدونة: إذا جاوز أيام منى وتطاول ذلك لزمه، ولم يوقت فيه. وأما رمي الجمار فلا يجوز بعد أيام التشريق، لا نزاع نعلمه، بل على من تركها دم، ولا يجزئ رميها بعد ذلك.

قال: واتفقوا على أن إيجاب الهدي فرض على المحصر.

قلت: قد نقل غير واحد عن مالك أنه لا يجب الهدي على المحصر، وهو المشهور من مذهب مالك.

قال: واتفقوا على أن من حلف لخصمه دون أن يحلفه حاكم أو من حكماه على أنفسهما، أنه لا يبرأ بتلك اليمين من الطلب.

قلت: قد نص أحمد على أنه إذا رضي بيمين خصمه فحلف له، لم يكن له مطالبته باليمين بعد ذلك.

قال: وأجمعوا على أن كل من لزمه حق في ماله أو ذمته لأحد، فرض عليه أداء الحق إلى من هو له عليه، إذا أمكنه ذلك وبقي له بعد ذلك ما يعيش به أياما هو ومن تلزمه نفقته.

قلت: مذهب أحمد أنه يترك له من ماله ما تدعو إليه الحاجة من مسكن وخادم وثياب، وكذلك قال إسحاق. وظاهر مذهب أحمد أيضا أنه إذا لم تكن له صنعة يترك له ما يتجر به لقوته وقوت عياله، وإن كان ذا حرفة ترك له آلة حرفته. وقد نقل عنه عبد الله ابنه أنه قال: يباع عليه كل شيء إلا المسكن وما يواريه من ثيابه والخادم، إن كان [ ص: 333 ] شيخا كبيرا أو زمنا وبه حاجة إليه. فلم يستثن ما يكتسب به لقول الأكثرين.

قال: وأجمعوا أن المملوكة لا يجبر سيدها على إنكاحها، ولا على أن يطأها وإن طلبت هي ذلك، ولا على بيعها من أجل منعه لها الوطء والإنكاح.

قلت: مذهب أحمد المنصوص المعروف من مذهبه أن الأمة إذا طلبت الإنكاح فإن سيدها يستمتع بها، وإلا لزمه إجابتها، وكذلك إذا كانت ممن لا تحل له، وكذلك مذهبه في العبد. ومذهب الشافعي -إذا كانت ممن لا تحل له فهل يلزمه إجابتها- على وجهين.

قال: واتفقوا أن التعريض للمرأة وهي في العدة حلال، إذا كانت العدة في غير رجعية أو كانت من وفاة.

قلت: في المعتدة البائنة بالثلاث أو بما دون الثلاث كالمختلعة ثلاثة أوجه في مذهب أحمد، وقولان للشافعي، أحدها: يجوز التعريض بخطبتها، وهو قول مالك وأحد قولي الشافعي. والثاني: لا يجوز، والثالث: يجوز في المعتدة بالثلاث، لأنها محرمة على زوجها، وكذلك كل محرمة، ولا يجوز في المعتدة بما دون ذلك، لإمكان عودها إليه، وهو أحد قولي الشافعي.

قال: واتفقوا أن الطلاق إلى أجل أو بصفة واقع إن وافق وقت طلاق، ثم اختلفوا في وقت وقوعه، فمن قائل الآن، ومن قائل هو إلى أجله. واتفقوا أنه إذا كان ذلك الأجل في وقت طلاق أن الطلاق قد وقع.

قال: واختلفوا في الطلاق إذا خرج مخرج اليمين أيلزم أم لا؟ [ ص: 334 ] قال: واتفقوا على أن ألفاظ الطلاق: "طلاق" وما تصرف من هجائه مما يفهم معناه، والبائن والبتة والخلية والبرية، وأنه إن نوى بشيء من هذه الألفاظ طلقة واحدة سنية لزمته كما قدمنا.

قال: ولا نعلم خلافا في أن من طلق ولم يشهد أن الطلاق لازم، ولكنا لسنا نقطع على أنه إجماع.

قلت: فقد ذكر فيما إذا كان قصده الحلف بالطلاق أيلزم أم لا؟ قولين ، وذكر أن المؤجل والمعلق بصفة -يعني إذا لم يكن في معنى اليمين- أنه يقع بالاتفاق.

وقد اختار في كتابه الكبير في الفقه "شرح المجلى" خلاف هذا، وأنكر على من ادعى الإجماع في ذلك. وكذلك اختار أن الطلاق بالكناية لا يقع، ولا يقع إلا بلفظ الطلاق. وهذان قول الرافضة، وكذلك قولهم: إن الطلاق لا يقع إلا بالإشهاد. وقد أنكر في كتابه من ادعى إجماعا في هذا وهذا وهذا، كما هو عادته في أمثال ذلك، مع أنه قد ذكر هنا فيه الإجماع الذي اشترط فيه الشروط المتقدمة. ومعلوم أن الإجماع على هذا من أظهر ما يدعى فيه الإجماع، لكن هو في غير موضع يخالف ما هو إجماع عند عامة العلماء، وينكر أنه إجماع، كدعواه وجوب الضجعة بعد ركعتي الفجر، وبطلان صلاة من لم يركعهما ، ودعواه وجوب الدعاء في التشهد [ ص: 335 ] الأول بقوله "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال" .

ونحو ذلك مما يعلم فيه الإجماع أظهر مما يعلم في أكثر ما حكاه. بل إذا قال القائل: إن الأمة أجمعت أن الدعاء لا يشرع في التشهد الأول، كان هذا من الإجماعات المقبولة، فضلا عن أن يقول أحد: إن هذا الدعاء واجب فيه، وإن صلاة من لم يدع فيه باطلة. وإنما النزاع في وجوبه في التشهد الذي يسلم فيه، وكان طاووس يأمر من لم يدع بالإعادة، وذكر ذلك وجه في مذهب أحمد.

قال: واتفقوا أن عدة الحرة المسلمة المطلقة التي ليست حاملا ولا مستريبة، وهي لم تحض أو لا تحيض، إلا أن البلوغ متوهم منها ثلاثة أشهر متصلة.

قلت: من بلغت من سن المحيض ولم تحض، ففيها عن أحمد روايتان، أشهرهما عند أصحابه أنها تعتد عدة المستريبة تسعة أشهر، ثم ثلاثة أشهر، كالتي ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه.

قال: واتفقوا على أن استقراض ما عدا الحيوان جائز، واختلفوا في جواز استقراض الرقيق والجواري والحيوان.

قلت: الاتفاق إنما هو في قرض المثليات المكيل والموزون، وأما ما سوى ذلك فأبو حنيفة لا يجوز قرضه، لأن موجب القرض المثل، ولا مثل له عنده، فالنزاع فيه كالنزاع في الحيوان. [ ص: 336 ]

قال: واتفقوا أن الوصية بالمعاصي لا تجوز، وأن الوصية بالبر وبما ليس ببر ولا معصية ولا تضييعا للمال جائزة.

قلت: الوصية بما ليس ببر ولا معصية، والوقف على ذلك، فيه قولان في مذهب أحمد وغيره، والصحيح أن ذلك لا يصح، فإن الإنسان لا ينتفع ببذل المال بعد الموت إلا أن يصرفه إلى طاعة الله، وإلا فبذله بما ليس بطاعة ولا معصية لا ينفعه بعد الموت، بخلاف صرفه في الحياة في المباحات كالأكل والشرب واللباس، فإنه ينتفع بذلك.

وقال في الجزية: واتفقوا على أنه إن أعطى -يعني من يقبل منه الجزية عن نفسه وحدها- أربعة مثاقيل ذهب في كل عام، على أن يلتزموا ما ذكره من شروط الذمة، فقد حرم دم من وفى بذلك وماله وأهله وظلمه.

التالي السابق


الخدمات العلمية