الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما من كان مجنونا فإنه لا صلاة عليه حال جنونه، ولا قضاء عليه بعد الإفاقة، وإن قصر زمن الجنون عند جماهير العلماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ". والمجانين منهم من يكون مع جنونه له نصيب من الإيمان أو الكشف ونحوه، وقد يسمى هؤلاء عقلاء المجانين، وقد يسمون المولهين، فهؤلاء إذا كانوا مجانين كانوا كما قال فيهم بعض أهل العلم: هم قوم أعطاهم الله عقولا وأحوالا، سلب عقولهم وأبقى أحوالهم، فأسقط ما فرض بما سلب.

وأما من كان عاقلا فلا تسقط عنه الصلاة، وإن له من الأحوال والمعارف وخوارق العادات ما عسى أن يكون، بل إذا لم يقر بوجوب الصلاة عليه فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وكذلك من قرره على ذلك واعتقد أن الصلاة لا تجب على مثل هؤلاء لحصول [ ص: 120 ] مقصود الصلاة لهم ونحو ذلك، فإنه من اعتقد ذلك يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ومن كان نائما فإنه يقضي الصلاة إذا استيقظ. وهذا كله لا نزاع فيه بين المسلمين.

وأما من أغمي عليه لمرض أو خوف أو حال ورد عليه من خشية الله تعالى أو استماع القرآن ونحو ذلك، فهذا قيل: يجب عليه القضاء مطلقا، وهو مذهب أحمد، ويروى عن عمار بن ياسر، وقيل: لا قضاء عليه وهو مذهب الشافعي، وقيل: يقضي صلاة يوم وليلة، كمذهب أبي حنيفة ومالك.

وإن زال عقله بسبب محرم، كالسكر بالخمر والحشيشة وأكل البنج ونحو ذلك، أو بحال محرم مثل أن يستمع القصائد المنهي عنها فيغيب عقله، فهذا عليه القضاء بلا نزاع، وإذا كان السبب محصورا لا يكون السكران معذورا.

التالي السابق


الخدمات العلمية