الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فالحمد لله على ما بين وأمر ، وعلى ما قضى وقدر من هذه الأقانين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك [له] ، شهادة تحصن قائلها من النار وتوجب له نور المتقين ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بأفضل كتاب وأقوم دين ، وأيده بأكمل الآيات وأشرف البراهين ، وبعثه في خير أمة وأتم مكان وحين ، وبين به الحق بأفصح لغة وأبلغ تبيين ، وأخرج به الخلق من الظلمات إلى النور المستبين ، وجعله سراجا منيرا ، كما جعل الروح الذي أوحاه إليه نورا يهدي به المهتدين ، وعصمه من مخالفة سره لعلانيته لا سيما في إيمائه وخطابه المستمعين ، إذ لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين ، ولا يومض إيماضا يخفى على الحاضرين ، كل ذلك تحقيقا لكمال البلاغ وتنزها عن ظنون الملحدين ، صلى الله عليه وعلى آله كما صلى على إبراهيم إمام المسلمين ، وبارك عليه وعلى آله كما بارك على آل إبراهيم في العالمين ، إنه سبحانه حميد مجيب سميع لدعاء الطالبين ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته وعلينا وعلى عباد الله الصالحين .

أما بعد ، فقد كان جرى بيني وبين بعض الناس من نحو عشر [ ص: 45 ] سنين أو قريب منها أو أكثر منها مناظرة في الصفات والكلام على مذهب أهل التأويل فيها ، التمس مني بعد ذلك بعض الأصحاب حكايتها ، فكتبتها إليه ، مع أن الكتابة لا بد فيها من نوع زيادة غير متعمدة ونقصان ، لكن المنقوص كثير ، إذ الخطاب يحتمل من البسط ما لا يحتمله الكتاب ، ومن الورع أن تنقص من الحكاية ولا تزيد فيها .

وتلك المناظرة -مع ما اشتملت عليه من القواعد المقررة والأصول المحررة- لم تخرج مخرج تصنيف ، وإن كان لا غرو في جعلها تصنيفا .

وصورة ما كاتبت به الطالب : فإن الله سبحانه وتعالى خلق عباده على الفطرة ، وكمل فطرتهم بالنبوة ، واصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس ، ليعلموا الأمم ما لم يكونوا يعلمونه ، كما قال سبحانه وتعالى : كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون .

التالي السابق


الخدمات العلمية