الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              «الأرجح » :

                                                                                                                                                                                                                              الزائد على غيره علما وفضلا، وفي حديث شق الصدر ثم قال أحدهما- أي الملكين- لصاحبه: زنه بعشرة من أمته فوزنني بهم فرجحتهم. ثم قال: زنه بمائة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم. ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بهم فوزنتهم. فقال: دعه عنك فلو وزنت بأمته لوزنهم. أي لرجح عليهم في الفضل.

                                                                                                                                                                                                                              وقال زهير بن صرد رضي الله تعالى عنه يمدحه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا لديه:


                                                                                                                                                                                                                              إن لم تداركهم نعماء تنشرها يا أرجح الناس حلما حين يختبر

                                                                                                                                                                                                                              «أرجح الناس عقلا » :

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو نعيم عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: قرأت في أحد وسبعين كتابا فوجدت في جميعها أن الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنب عقل محمد صلى الله عليه وسلم إلا كحبة رمل من بين جميع رمال الدنيا، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا.

                                                                                                                                                                                                                              وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى في الكلام على عقله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              «الأرحم » :

                                                                                                                                                                                                                              أفعل: من الرحمة أي أكثر الناس رحمة، وسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                              «أرحم الناس بالعيال » :

                                                                                                                                                                                                                              وسيأتي الكلام عليه في باب شفقته صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              «الأزج » :

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الزاي وتشديد الجيم أي أزج الحاجبين أي المقوس الحاجب الوافر شعره. كما سيأتي بيان ذلك في باب صفاته صلى الله عليه وسلم. [ ص: 428 ]

                                                                                                                                                                                                                              «الأزكى » :

                                                                                                                                                                                                                              بالزاي: الطاهر، أفعل من الزكاة وهي الطهارة أي أزكى العالمين. أي أطهرهم

                                                                                                                                                                                                                              «الأزهر » :

                                                                                                                                                                                                                              من الزهارة وهي الرونق. روى مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون، قال الإمام النووي : معناه أبيض مستنير فهو بمعنى ما رواه ابن حبان عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض . ولهذا مزيد بيان في باب صفة لونه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «الأسد » :

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الهمزة والسين وتشديد الدال المهملتين: المستقيم وهو أفعل: من السدد محركة كالسداد وهو الاستقامة والتوفيق للصواب من القول والعمل، يقال: سدده تسديدا: إذا قومه ووفقه للسداد. وسد يسد، كفر يفر: صار سديدا أي مستقيما واستد: استقام.

                                                                                                                                                                                                                              وأسد أصاب السداد أو طلبه. وسد الثلمة: أصلحها وأوثقها.

                                                                                                                                                                                                                              وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس ملكا وأنسا وجمعا وسدادا أي استقامة وتوفيقا وإصلاحا لثلم الرأي وإصابة للصواب، لأن جميع ما يصدر منه صلى الله عليه وسلم ولو على سبيل الاجتهاد مستند إلى الوحي، ولهذا كان اجتهاده صلى الله عليه وسلم لا يخطئ كما صوبه السبكي، ولهذا مزيد بيان في أبواب عصمته صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «أشجع الناس » :

                                                                                                                                                                                                                              من الشجاعة وهي شدة القلب عند البأس، وتقدم في أحسن، وسيأتي الكلام عليه في باب شجاعته صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «الأشد حياء من العذراء في خدرها » :

                                                                                                                                                                                                                              أي أكثر حياء. والحياء يمد ويقصر وهي انقباض النفس عن القبيح مخافة الذم، وسيأتي الكلام على ذلك في باب حيائه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «الأشنب » :

                                                                                                                                                                                                                              بالمعجمة وفتح النون فموحدة من الشنب محركا وهو رونق الأسنان ورقة مائها. وقيل رقتها وعذوبتها، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في باب صفة فمه وأسنانه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «الأصدق » :

                                                                                                                                                                                                                              أفعل تفضيل. للمبالغة وأصله الثبوت والقوة يقال رجل صدق إذا كان قويا على الطعن ثابتا فيه، لا أحد أقوى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أثبت على الحق منه، فهو صلى الله عليه وسلم أصدق الناس لهجة وأثبت على الحق وأقوى في الله. وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه عند الترمذي في الشمائل: هو أصدق الناس لهجة.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الاسم مما سماه الله تعالى به من أسمائه قال الله تعالى: ومن أصدق من الله قيلا

                                                                                                                                                                                                                              «أصدق الناس لهجة » :

                                                                                                                                                                                                                              وتقدم معناه. واللهجة بفتح الهاء وسكونها لغة: اللسان. وقيل [ ص: 429 ]

                                                                                                                                                                                                                              طرفه أي أصدق الناس لسانا

                                                                                                                                                                                                                              «الأطيب » :

                                                                                                                                                                                                                              أي الأفضل والأشرف، أو الأكثر طيبا. أي أفعل: من الطيب وهو حسن الرائحة

                                                                                                                                                                                                                              «الأعز » :

                                                                                                                                                                                                                              بمهملة فمعجمة: أفعل: من العز أي الكثير العزة وهي الغلبة والقوة

                                                                                                                                                                                                                              «الأعظم » :

                                                                                                                                                                                                                              أي أحسن الناس خلقا وخلقا لأنه أفعل: من العظمة وهي ترجع إلى كمال الذات وتمام الصفات، وذلك غاية الحسن وكماله

                                                                                                                                                                                                                              «الأعلى » :

                                                                                                                                                                                                                              أفعل: من العلو وهو الرفعة، أي الأكثر علوا أي رفعة على غيره. قال أبو حفص النسفي رحمه الله تعالى في تفسيره: وهو مما سماه الله تعالى به من أسمائه، وأورد فيه قوله تعالى: وهو بالأفق الأعلى وفي الأخذ من الآية نظر.

                                                                                                                                                                                                                              قال الشيخ رحمه الله تعالى: ولم يظهر لي وجه الأخذ منه لأنا وإن جعلنا الضمائر في «استوى » و «هو » و «دنا » «فتدلى » «فكان » للنبي صلى الله عليه وسلم وهو قول مرجوح في التفسير لم يصح أيضا جعل الأعلى صفة له لأن الضمير لا يوصف كما تقرر في النحو إلا على رأي ضعيف وكأنه جعله حالا من ضمير استوى. وجملة «وهو بالأفق » مبتدأ وخبر حالا أيضا. والتقدير:

                                                                                                                                                                                                                              فاستوى الأعلى أي عليا حالة كونه بالأفق وهو بعيد جدا ولم يظهر لي فيه غير ذلك

                                                                                                                                                                                                                              «الأعلم بالله » :

                                                                                                                                                                                                                              والمراد العلم بالله تعالى وصفاته وما يجب له كما قال في حديث ضعيف رواه الإمام أحمد: «أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدود الله » يأتي بيانه في شرح اسمه العالم

                                                                                                                                                                                                                              «الأغر:

                                                                                                                                                                                                                              بالغين المعجمة والراء: الشريف الكريم الخيار. قال حسان بن ثابت- رضي الله تعالى عنه- يمدحه صلى الله عليه وسلم زاده الله فضلا وشرفا:


                                                                                                                                                                                                                              أغر عليه للنبوة خاتم     من الله مشهود يلوح ويشهد



                                                                                                                                                                                                                              «أفصح العرب » :

                                                                                                                                                                                                                              كذا ورد في حديث ذكره أصحاب الغريب بهذا اللفظ. قال الحافظ العلامة عماد الدين بن كثير والشيخ- رحمهما الله تعالى-: ولم نقف على سنده. وروى أيضا: «أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش » أي من أجل أني منهم.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى أفصح من نطق بالضاد: أي أفصح العرب لأنهم هم الذين ينطقون بها، وليست [ ص: 430 ] في لغة غيرهم. وأفصح: أفعل تفضيل من فصح الرجل: جادت لغته لا من أفصح إذا تكلم بالعربية، لأن أفعل التفضيل لا يبنى إلا من ثلاثي. وفي الصحاح: رجل فصيح وكلام فصيح أي بليغ. ولسان فصيح أي طلق.

                                                                                                                                                                                                                              ومرجع الفصاحة إما إلى الوضوح، ومنه: أفصح الصبح إذا بدا ضوءه. ويقال لكل واضح: مفصح. أو إلى الخلوص. ومنه: أفصح اللبن إذا أخذت منه الرغوة ولهذا مزيد بيان في باب بيان صفاته الحسية صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «أكثر الأنبياء تبعا » :

                                                                                                                                                                                                                              بفتح التاء الفوقية والموحدة: جمع تابع كخدم جمع خادم.

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ما معه مصدق غير واحد »

                                                                                                                                                                                                                              وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة « وأرجو أن أكون أكثرهم تبعا »

                                                                                                                                                                                                                              لعله قبل أن يكشف له عن أمته ويراهم. وقد حقق الله تعالى رجاءه صلى الله عليه وسلم كما سيأتي بيان ذلك في الخصائص

                                                                                                                                                                                                                              «الأكرم » :

                                                                                                                                                                                                                              المتصف بزيادة الكرم على غيره. وقال بعض العلماء: الكرم كالحرية إلا أنها تقال في صغير المحاسن وكبيرها، والكرم لا يقال إلا في كبيرها فقط ولذا قال تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              إن أكرمكم عند الله أتقاكم .

                                                                                                                                                                                                                              روى الدارمي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر » .

                                                                                                                                                                                                                              ومن كرامته صلى الله عليه وسلم على ربه أنه أقسم بحياته وأشفق عليه فيما كان يتكلفه من العبادة وطلب منه أن يقللها، ولم يطلب ذلك من غيره بل حضهم الله على الزيادة. وأقسم له أنه من المرسلين وأنه ليس بمجنون وأنه لعلى خلق عظيم وأنه ما ودعه وما قلاه. وولد صلى الله عليه وسلم مختونا لئلا يرى أحد عورته، واستأذن عليه ملك الموت في الدخول في قبض روحه الزكية ولم يفعل ذلك بأحد قبله.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الاسم مما سماه الله تعالى به من أسمائه قال تعالى: وربك الأكرم ومعناه:

                                                                                                                                                                                                                              الذي له الكمال في زيادة الكرم على كل كريم. أو الذي أنعم على عباده بالنعم التي لا تحصى ويحلم عليهم فلا يعاجلهم بالعقوبة على كفرانها سبحانه وتعالى

                                                                                                                                                                                                                              «أكرم الناس » .

                                                                                                                                                                                                                              «أكرم ولد آدم » :

                                                                                                                                                                                                                              كما سيأتي إن شاء الله تعالى في حديث الشفاعة [ ص: 431 ] «الإكليل » :

                                                                                                                                                                                                                              التاج. ويقال التاج المدور. وهو صلى الله عليه وسلم تاج الأنبياء ورأس الأصفياء، وسمي به صلى الله عليه وسلم لشرفه وعلوه، أو لإحاطة رسالته وشمولها كما سمي الإكليل لإحاطته بالرأس

                                                                                                                                                                                                                              «الأمجد » :

                                                                                                                                                                                                                              أفعل من المجد وهو الشرف

                                                                                                                                                                                                                              «الآمر الناهي » :

                                                                                                                                                                                                                              اسما فاعل من الأمر والنهي قال تعالى: يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وكان ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم فرض عين كما قاله الجرجاني في شافيته وفي حق غيره فرض كفاية. قال الشرف البوصيري رحمه الله تعالى:


                                                                                                                                                                                                                              نبينا الآمر الناهي فلا أحد     أبر في قول «لا » منه ولا «نعم »

                                                                                                                                                                                                                              قال العزفي: وهذا الوصف على الحقيقة لله تعالى، ولكنه لما كان الواسطة بين الله تعالى وعبيده أضيف إليه ذلك هو الذي يشاهد آمرا وناهيا ويعلم بالدليل أن ذلك واسطة ونقل من الذي له ذلك الوصف حقيقة. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                              والأمر له معان، المقصود منها هنا: طلب إيجاد الشيء. والنهي: طلب تركه ويعتبر فيهما العلو على الأصح عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي- رحمه الله تعالى- وجماعة من أهل الأصول أي كون الطالب عالي الرتبة على المطلوب منه والاستعلاء بأن يكون الطلب بعظمة على الأصح عند الإمام الرازي والآمدي وابن الحاجب .

                                                                                                                                                                                                                              إذا علم ذلك ففي وصف الله تعالى له صلى الله عليه وسلم بالآمر والناهي دلالة على علو شأنه واستعلاء منصبه ورفع قدره على جميع الأنام، وينشأ من هذا وجوب امتثاله صلى الله عليه وسلم وطاعته فيما أمر به ونهى عنه كما قال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا

                                                                                                                                                                                                                              الإمام:

                                                                                                                                                                                                                              المقتدى به في الخير أو غيره يطلق على الواحد نحو إني جاعلك للناس إماما والجمع نحو واجعلنا للمتقين إماما قال حسان- رضي الله تعالى عنه- يمدحه صلى الله عليه وسلم:


                                                                                                                                                                                                                              إمام لهم يهديهم الحق جاهدا     معلم صدق إن يطيعوه يهتدوا

                                                                                                                                                                                                                              وسمي به صلى الله عليه وسلم لاقتداء الخلق به ورجوعهم إلى قوله وفعله- زاده الله تعالى شرفا وفضلا

                                                                                                                                                                                                                              «إمام الخير » :

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجة عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال: إذا صليتم [ ص: 432 ] على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه. قالوا له:

                                                                                                                                                                                                                              علمنا. قال: قولوا: «اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك الأمين ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه المقام المحمود الذي يغبطه فيه الأولون والآخرون »

                                                                                                                                                                                                                              «إمام العالمين » :

                                                                                                                                                                                                                              العالم بفتح اللام اسم جنس غير علم يجمع على عوالم وعلى عالمين أيضا إن قلنا باختصاصه بمن يعقل وأنه اسم للثقلين خاصة كما ذهب إليه الزمخشري- رحمه الله تعالى- لاشتقاقه من العلم، وإن قلنا بعدم اختصاصه بهم وأنه اسم لما سوى الله تعالى- وهو الصحيح- لأنه مشتق- من العلامة بمعنى أن كل موجود يدل على وجود الباري سبحانه وتعالى، فليس العالمون جمعا له لأنه عام والعالمون خاص بمن يعقل، والجمع لا يكون أخص من المفرد، ولذا قال سيبويه- رحمه الله تعالى-: ليس الأعراب الذين هم من أهل البادية جمعا للعرب الذين يطلقون عليهم وعلى أهل القرى.

                                                                                                                                                                                                                              قال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: «وقد اختلف في مبلغ العوالم فعن سعيد بن المسيب. ألف: ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر. وقال مقاتل: ثمانون ألف عالم: أربعون في البر، وأربعون في البحر. وقال كعب: لا يحصي عدد العوالم إلا الله تعالى وما يعلم جنود ربك إلا هو »

                                                                                                                                                                                                                              إمام العاملين:

                                                                                                                                                                                                                              جمع عامل أي العباد

                                                                                                                                                                                                                              إمام المتقين:

                                                                                                                                                                                                                              أي الذين يقتدون به ويتبعون هديه: جمع متق، وهو من اتقى الشرك وتجنب الشك والمخالفات. وتقدم في إمام الخير

                                                                                                                                                                                                                              «إمام النبيين »

                                                                                                                                                                                                                              «إمام الناس » :

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي بن كعب - رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر »

                                                                                                                                                                                                                              ولفظ الإمام أحمد: كنت إمام الناس .

                                                                                                                                                                                                                              ونكتة تخصيصه بيوم القيامة يأتي في اسمه صلى الله عليه وسلم: «سيد الناس »

                                                                                                                                                                                                                              «الأمان » :

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي موسى - رضي الله تعالى عنه- قال:

                                                                                                                                                                                                                              أمانان كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع أحدهما وبقي الآخر وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون . [ ص: 433 ]

                                                                                                                                                                                                                              ولفظ الترمذي : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أنزل الله علي أمانين لأمتي » فذكره وزاد: « فإذا مضيت تركت فيكم الاستغفار إلى يوم القيامة » .

                                                                                                                                                                                                                              وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لأمته وقومه من العذاب، إذ درأه الله تعالى عنهم بسبب كونه فيهم. قال بعضهم: النبي صلى الله عليه وسلم هو الأمان الأعظم ما عاش وما دامت سنته باقية فهو باق، فإذا أميتت فانتظروا البلاء والفتن!

                                                                                                                                                                                                                              «الأمنة » :

                                                                                                                                                                                                                              روى البيهقي عن أبي موسى - رضي الله تعالى عنه- قال: رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء فقال: «النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة أصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون .

                                                                                                                                                                                                                              والأمنة بضم الهمزة وفتح الميم وبفتح الهمزة أيضا: الوافر الأمانة الذي يؤتمن على كل شيء. وسمي صلى الله عليه وسلم بذلك لأن الله تعالى استأمنه على وحيه. أو الحافظ أي حافظ لأصحابه يدفع به الله قيل من البدع وقيل من الاختلاف والفتن، ولا ينافي هذا

                                                                                                                                                                                                                              قوله صلى الله عليه وسلم: « إذا أراد الله بأمة رحمة قبض نبيها قبلها »

                                                                                                                                                                                                                              لاحتمال أن يكون المراد برحمتهم أمنهم- من المسخ والخسف ونحو ذلك من أنواع العذاب، وبإتيان ما يوعدون من الفتن بينهم بعد أن كان بابها منسدا عنهم بوجوده صلى الله عليه وسلم أو معنى الأمن كما في قوله تعالى: إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وسمي به صلى الله عليه وسلم لأنه أمان المؤمنين من العذاب والكافرين من الخسف والعقاب

                                                                                                                                                                                                                              «الأمة » :

                                                                                                                                                                                                                              الجامع للخير المقتدى به أو المعلم للخير. وأصل الأمة: الجماعة. وسمي به صلى الله عليه وسلم كما سمي به إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لأنه اجتمع فيه صلى الله عليه وسلم من الأوصاف الحميدة والخصال الجميلة ما لم يجتمع في أمة كثيرة من الناس

                                                                                                                                                                                                                              الم. المر. المص

                                                                                                                                                                                                                              ذكرها «د » والمشهور أنها من أسماء الله تعالى فإن صح ما قاله كانت مما سماه الله تعالى به من أسمائه، وقد بسطت الكلام على ذلك في كتاب «القول الجامع الوجيز الخادم للقرآن العزيز

                                                                                                                                                                                                                              «الألمعي » :

                                                                                                                                                                                                                              بالهمز أوله والياء آخره: الحديد القلب واللسان، الذكي المتوقد، مأخوذ من لمع النار وهو لهبها وإضاءتها كأنه لفرط ذكائه إذا لمع أول الأمر عرف آخره كما قال أوس بن حجر : [ ص: 434 ]

                                                                                                                                                                                                                              الألمعي الذي يظن بك الظن     كأن قد رأى وقد سمعا

                                                                                                                                                                                                                              ومثله الألمع بلا ياء. واليلمع بالتحتية أوله كيسمع. واليلمعي بياءين أوله وآخره. هذا هو الصحيح المشهور، الموجود في نسخ القاموس المعتمدة وغيره من كتب اللغة. وأما ما في بعض نسخه تبعا لقول الليث: اليلمع: الكذاب مأخوذ من اليلمع وهو السراب فخطأ باطل.

                                                                                                                                                                                                                              كما قال الأزهري وغيره من أئمة اللغة، مستدلا بأن العرب لم تضعه إلا في موضع المدح. قال:

                                                                                                                                                                                                                              وما علمت أحدا من أئمة اللغة قال كما قاله الليث رحمه الله تعالى

                                                                                                                                                                                                                              «الآمن » :

                                                                                                                                                                                                                              بالمد وكسر الميم كصاحب: الخالص التقي والشريف النقي، وهو اسم فاعل من الأمن وهو طمأنينة النفس وزوال الخوف كالأمان والأمانة. يقال أمن كفرح أمنا وأمانا بفتحهما وأمنا وأمنة محركين وإمنا بالكسر فهو آمن وأمن كفرح، وأمين كأمير.

                                                                                                                                                                                                                              وسمي به صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى أمنه يوم القيامة فقال تعالى: يوم لا يخزي الله النبي والحكمة في ذلك أن يفرغ إلى شفاعة أمته إذا قال سائر النبيين: نفسي نفسي، ولو لم يؤمنه كان مشغولا كغيره من الأنبياء. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                              وقد ورد في تأمينه صلى الله عليه وسلم حديث رواه الطبراني في الأوسط بسند واه. ولأنه صلى الله عليه وسلم كان آمنا من شر الخلق وكيدهم، لأن الله تعالى عصمه من الناس وحماه منهم. كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج بعث معه عمه أبو طالب من يكلؤه حتى نزلت والله يعصمك من الناس فذهب ليبعث معه فقال: يا عم قد عصمني الله فلا حاجة لي بذلك. كذا في شرح النظم، وفيه نظر لقوله بعد: إن الآية نزلت في عام تبوك وأبو طالب - مات قبل الهجرة. والله تعالى أعلم.

                                                                                                                                                                                                                              ولا يستشكل ذلك

                                                                                                                                                                                                                              بقوله صلى الله عليه وسلم: « ما زالت أكلة خيبر تعادني فقطعت أبهري ».

                                                                                                                                                                                                                              لأن الآية نزلت عام تبوك والسم قبلها بخيبر، ولا ما وقع له من الأذى يوم أحد لأن المراد يعصمك من القتل وعليه أن يحتمل ما دون النفس. وأما أمره بعد ذلك بالحراسة فللتشريع.

                                                                                                                                                                                                                              قوله: «تعادني» قال في الصحاح: العداد: اهتياج وجع اللديغ وذلك إذا تمت له سنة مذ يوم لدغ اهتاج به الألم، يقال عادته اللسعة: إذا اشتد العداد

                                                                                                                                                                                                                              «الأمين » :

                                                                                                                                                                                                                              ذكره ابن فارس . ومعناه: القوي الحافظ الذي يوثق بأمانته ويرغب في ديانته، فعيل بمعنى فاعل من أمن ككرم فهو أمين وأمان كرمان. قال الله تعالى: إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين في أحد القولين، ونسبه القاضي لأكثر المفسرين، أن الرسول المذكور: محمد صلى الله عليه وسلم. [ ص: 435 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقد كان يدعى بذلك في صغره لوقاره وصدق لهجته وهديه واجتناب القاذورات والأدناس. قال كعب بن مالك فيه صلى الله عليه وسلم:


                                                                                                                                                                                                                              أمين محب في العباد مسوم     بخاتم رب قاهر للخواتم

                                                                                                                                                                                                                              وسيأتي قول قريش عند إرادة بناء البيت : هذا الأمين إن شاء الله.

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه- مرفوعا: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر من في السماء صباحا ومساء ».

                                                                                                                                                                                                                              وسمي صلى الله عليه وسلم بذلك لأنه حافظ الوحي قوي على الطاعة.

                                                                                                                                                                                                                              أو: المأمون. أي المؤتمن بفتح الميم، فعيل بمعنى مفعول من الائتمان وهو الاستحفاظ والوثوق بالأمانة، يقال: أمنه كسمعه وأمنه وائتمنه واستأمنه أي استحفظه ووثق بأمانته فهو أمين ومأمون، أي موثق به. وسمي صلى الله عليه وسلم بذلك لأن الله تعالى ائتمنه على وحيه وجعله واسطة بينه وبين خلقه وكساه من الأمانة التي هي ضد الخيانة حلة وافرة وتوجه بتاج الصدق المرصع بدررها الفاخرة. والمراد في قوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض الفرائض المفروضة. وقيل: النية القلبية لأن الله تعالى ائتمن العباد عليها، ولم يظهرها لأحد من خلقه، فمن أضمر التوحيد مثل ما أظهره فقد أدى الأمانة، ومن لا فلا. وقيل:

                                                                                                                                                                                                                              المراد بها العقل. وقيل: العدالة. وقيل غير ذلك

                                                                                                                                                                                                                              «الأمي » :

                                                                                                                                                                                                                              قال تعالى: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي وهو الذي لا يحسن الكتابة، كما في الحديث:

                                                                                                                                                                                                                              «إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب »

                                                                                                                                                                                                                              نسبة إلى الأم كأنه على الحالة التي ولدته أمه. وكانت الأمية في حقه صلى الله عليه وسلم معجزة وإن كانت في حق غيره ليست كذلك.

                                                                                                                                                                                                                              قال القاضي- رحمه الله-: لأن معجزته العظمى القرآن العظيم إنما هي متعلقة بطريق المعارف والعلوم مع ما منح صلى الله عليه وسلم وفضل به من ذلك. ووجود مثل ذلك ممن لا يقرأ ولا يكتب ولا يدارس ولا لقن مقتضى العجب ومنتهى العبر ومعجزة البشر، وليس فيه إذ ذاك نقيصة، إذ المطلوب من القراءة والكتابة المعروفة ليست المعارف والعلوم إلى آخر ما تقدم، وإنما هي آلة ووساطة موصلة إليها غير مرادة في نفسها، فإذا حصلت الثمرة والمطلوب استغني عن الواسطة.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية