الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في قراءته- صلى الله عليه وسلم- بالفاتحة في الصلاة وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قراءته- صلى الله عليه وسلم- الفاتحة في كل ركعة ، وجهره بالبسملة .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري في كتاب القراءة المفرد عن أبي قتادة - رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني ، عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا افتتح الصلاة يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال موثقين عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا قرأ وهو يؤم الناس ، افتتح ببسم الله الرحمن الرحيم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني ، وأبو داود ، والترمذي - وقال : ليس إسناده بذاك- عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن علي - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في صلاته» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، والدارقطني عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- [ ص: 118 ] «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قطعها آية آية يعدها عد الأعراب ، وعد بسم الله الرحمن الرحيم ولم يعد عليهم .

                                                                                                                                                                                                                              وعن علي - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته» .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية «في السورتين جميعا» ،

                                                                                                                                                                                                                              وعن علي وعمار- رضي الله تعالى عنهما- كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم .

                                                                                                                                                                                                                              وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم . وفي رواية : لم يزل يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .

                                                                                                                                                                                                                              وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : «صليت خلف النبي- صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ، وعمر ، فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم» .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .

                                                                                                                                                                                                                              وعن الحكم بن عمير - وكان بدريا- قال : «صليت خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجهر [ ص: 119 ] في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الليل ، وفي صلاة الغداة وصلاة الجمعة» .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وروى الجميع الدارقطني .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في تركه- صلى الله عليه وسلم- الجهر بالبسملة أحيانا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال موثقين عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، هزأ منه المشركون قالوا : محمد يذكر إله اليمامة ، وكان مسيلمة يسمى الرحمن [الرحيم] ، فلما نزلت هذه الآية ، أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن لا يجهر بها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال موثقين عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسر ببسم الله الرحمن الرحيم . وأبو بكر وعمر» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في ابتدائه- صلى الله عليه وسلم- بقراءة الفاتحة قبل السورة .

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم ، وأبو داود ، وابن ماجه عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يفتتح القراءة ب الحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يفتتح صلاته ب الحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا نهض في الركعة الثانية افتتح القراءة بـ الحمد لله رب العالمين ، ولم يسكت» .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في سكوته هنيهة ، عقب الحمد لله رب العالمين
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال موثقين عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان [ ص: 120 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا افتتح الصلاة ، قال : «الحمد لله رب العالمين» ثم سكت هنيهة» .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في تأمينه- صلى الله عليه وسلم- عقب الفاتحة في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا تلا غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : «آمين» ، حتى يسمع من يليه من الصف الأول ، زاد أبو داود وابن ماجه ، «فيرتج بها المسجد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني وحسنه ، عنه قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من القراءة ، رفع صوته ، وقال : «آمين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وحسنه وابن أبي شيبة ، والإمام أحمد ، والأربعة ، والحاكم وصححه عن وائل بن حجر- رضي الله تعالى عنه- قال : «سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين . فقال : آمين ، ومد بها صوته» .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية : فلما قال : «ولا الضالين» ، فقال : «آمين» ، ومد بها صوته .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية شعبة «خفض بها صوته» وخطأ البخاري هذه الرواية ، وفي رواية : فلما قال : «ولا الضالين» قال : «آمين» فسمعناها منه .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه الطبراني برجال ثقات ، بلفظ : «فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال : آمين ، ثلاث مرات» ، قال الحافظ : «والظاهر أن قوله : ثلاث مرات ، يعني أنه رآه في ثلاث مرات ، في ثلاث صلوات ، ذلك لا أنه ثلث التأمين» . [ ص: 121 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود ، والدارقطني - وصححه- والترمذي نحوه- وحسنه ، وابن ماجه عنه قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ «ولا الضالين» ، قال : «آمين» ورفع بها صوته .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه ، والدارقطني نحوه وحسنه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : «آمين» حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن علي - رضي الله تعالى عنه- قال : «سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ ولا الضالين قال : «آمين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند جيد عنه ، والبيهقي عن وائل بن حجر- رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قال : «رب اغفر لي ، آمين» ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : في أحاديث جامعة في قراءته- صلى الله عليه وسلم- السورة ، بعد الفاتحة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي في سننه ، والطبراني عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : «ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وسمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يؤم بها كلها الناس في الصلاة المكتوبة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن عبد العزيز بن قيس قال : سألت أنسا عن مقدار صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأمر أحد بنيه يصلي بنا الظهر أو العصر ، فقرأ بنا والمرسلات وعم يتساءلون .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات عن الأغر- رضي الله تعالى عنه- قال : «صليت خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقرأ سورة الروم» . [ ص: 122 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن منصور بن إبراهيم- رحمه الله تعالى- قال : «كانت قراءة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تعرف بتحريك لحيته» .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : في قراءته- صلى الله عليه وسلم- بعد الفاتحة في صلاة الصبح .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، والنسائي ، وابن ماجه عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الغداة في الركعتين أو إحداهما ما بين الستين إلى المائة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام الشافعي ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والنسائي واللفظ له ، عن عمرو بن حريث- رضي الله تعالى عنه- قال : «سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الفجر إذا الشمس كورت» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام الشافعي ، والشيخان ، والبخاري في التاريخ ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه موصولا ، وعلقه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن السائب- رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين ، ثم جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى -شك الراوي- أو اختلفت عليه- أخذت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سعلة فركع» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، ومسلم ، عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الفجر ب ق والقرآن المجيد ونحوها ، وكانت صلاته إلى التخفيف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى سعيد بن منصور ، ومسلم ، وابن ماجه عن قطبة بن مالك- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأولى بقاف والقرآن المجيد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشافعي عن زياد بن علاقة عن عمه- رضي الله تعالى عنه- قال : «سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الصبح والنخل باسقات قال الشافعي : يعني بقاف» . [ ص: 123 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان- رضي الله تعالى عنها- قالت : «ما أخذت قاف والقرآن المجيد ، إلا من فم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ بها في الصبح» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان يقرأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلاة الصبح بقاف والقرآن المجيد ونحوها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحارث عن أبي أيوب - رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ في الصبح تبارك الذي بيده الملك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند جيد عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الصبح بياسين ، وفي رواية : كان يقرأ بالواقعة ونحوها من السور» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار عن الأغر المزني - رضي الله تعالى عنه- «قرأ في صلاة الصبح بسورة الروم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد من رواية شريك عن عبد الملك بن عمير عن شبيب أبي روح عن رجل من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومن رواية زائدة عن عبد الله بن عمير ، قال : «سمعت شبيبا- يعني أبا روح من ذي الكلاع أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى الصبح بالروم فتردد في آية ، فلما انصرف قال : «إنه يلبس علينا القرآن ، أقوام منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء ، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن سماك بن حرب عن رجل من أهل المدينة - رضي الله تعالى عنه- «أنه صلى خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : فسمعته يقرأ في صلاة الفجر ق والقرآن المجيد و يس والقرآن الحكيم . [ ص: 124 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن رجل من جهينة- رضي الله تعالى عنه- «أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ في الصبح إذا زلزلت الأرض في الركعتين كلتيهما ، فلا أدري أنسي أم قرأ ذلك عمدا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد الرزاق في المصنف عن أبي بردة- رضي الله تعالى عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قرأ في الصبح إنا فتحنا لك فتحا مبينا [الفتح 1] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن أبي برزة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الفجر بالحاقة ونحوها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن مردويه عن معاذ بن جبل- رضي الله تعالى عنه- قال : «كنت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سفر فصلى الغداة ، فقرأ فيها بالمعوذتين ، ثم قال : «يا معاذ ، هل سمعت ؟ » قلت : نعم ، قال : «ما قرأ الناس بمثلهن» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة ، وابن الضريس ، والحاكم عن عقبة بن عامر «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ في صلاة الغداة بالمعوذتين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن قاسم ، وابن السكن ، والشيرازي في الألقاب عن زرعة بن خليفة- رضي الله تعالى عنه- قال : «أتيت النبي- صلى الله عليه وسلم- من اليمامة ، فعرض علينا الإسلام ، فأسلمنا ، فلما صلينا الغداة ، قرأ بـ والتين والزيتون ، و إنا أنزلناه في ليلة القدر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب مرسلا «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه الفجر فقرأ بهم في الركعة الأولى إذا زلزلت الأرض ثم أعادها في الركعة الثانية» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه- «أن النبي- صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الفجر فقرأ بهم سورة ثم أعادها في الثانية وأوجز ، فلما قضى صلاته ، قال له أبو سعيد أو معاذ : يا رسول الله رأيتك صليت صلاة ما رأيتك صليت مثلها قط ، قال :

                                                                                                                                                                                                                              «أما سمعت بكاء الصبي خلفي في صف النساء ؟ أردت أن أفرغ له أمه»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى عن عمرو بن عبسة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «قرأ في الصبح قل أعوذ برب الفلق [الفلق 1] و قل أعوذ برب الناس [الناس 1] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى [ ص: 125 ] صلاة الفجر في نفر قرأ قل يا أيها الكافرون [الكافرون 1] و قل هو الله أحد [الإخلاص 1] قال : «قرأت بكم ثلث القرآن ، وربعه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي عن عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- قال : «كنت أقود لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ناقته ، قال : فقال لي : «ألا أعلمك سورتين لم تقرأ مثلهما» ، في رواية : «ألا أعلمك خير سورتين قرئتا ؟ » قلت : بلى . فعلمني قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس فلم يرني أعجب بهما ، فلما نزل صلى بهما الغداة ، ثم قال لي : «كيف رأيت يا عقيب» .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : في قراءته- صلى الله عليه وسلم- في صبح الجمعة .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ومسلم والأربعة عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة الم تنزيل السجدة ، و هل أتى على الإنسان حين من الدهر ، زاد الطبراني في كل جمعة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام ، والشيخان ، والنسائي ، وابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل ، وهل أتى ، وروى عبد الرزاق في المصنف عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل ، وتبارك الذي بيده الملك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات ، عنه ، «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل [السجدة 1] السجدة ، و هل أتى [الإنسان 1] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن علي - رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي داود في كتاب الشريعة عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : [ ص: 126 ] غدوت على النبي يوم الجمعة في صلاة الفجر ، فقرأ سورة فيها سجدة فسجد .

                                                                                                                                                                                                                              التاسع : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- في الظهر والعصر .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، والشيخان ، والنسائي ، وابن ماجه عن أبي قتادة الحارث- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورتين ، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا ، ويطول في الركعة الأولى من الظهر ما لا يطول في الثانية ، وهكذا في العصر زاد أبو داود ، فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى ، وهكذا في الصحيح» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والشيخان وابن ماجه عن عبد الله بن سخبرة- رحمه الله تعالى- قال : «سألنا خبابا- رضي الله تعالى عنه- أكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال : نعم ، قلت : بأي شيء كنتم تعرفون قراءته ؟ قال : باضطراب لحيته» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن أبي العالية- رحمه الله تعالى- قال : «اجتمع ثلاثون من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالوا : أما ما يجهر فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالقراءة فقد علمنا» ، وما لا يجهر به فلا نقيس بما يجهر به ، قال : فاجتمعوا ، فما اختلف فيهم اثنان ، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الظهر قدر ثلاثين آية في الركعتين الأوليين في كل ركعة ، وفي الركعتين الأخريين قدر النصف من ذلك ، ويقرأ في العصر في الأوليين بقدر النصف من قراءته في الركعتين الأوليين من الظهر ، وفي الأخريين بقدر النصف من ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، ومسلم ، والدارقطني وقال : إسناده ثابت عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه- قال : «كنا نحزر قيام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الظهر والعصر ، قال :

                                                                                                                                                                                                                              فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر ، قدر ثلاثين قدر قراءة الم تنزيل السجدة ، وحزرنا قيامه في الأخريين على النصف من ذلك ، وحزرنا قيامه في العصر في الركعتين [ ص: 127 ] الأوليين على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين على النصف من ذلك»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عنه قال : «كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ، ثم يأتي أهله فيتوضأ ثم يرجع إلى المسجد ، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الركعة الأولى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : «ما رأيت أحدا أشبه بصلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من فلان قال : وكان يطيل الأوليين من الظهر ويخفف الأخريين ، ويخفف العصر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الثلاثة وصححه الترمذي عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الظهر والعصر والسماء ذات البروج [البروج 1] والسماء والطارق [الطارق 1] ونحوهما من السور» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم ، وأبو داود ، والنسائي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الظهر ، فقرأ بهاتين السورتينسبح اسم ربك الأعلى [الأعلى 1] و هل أتاك حديث الغاشية [الغاشية 1] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سجد في صلاة الظهر ، ثم قام فركع ، فرأوا أنه قرأ الم تنزيل السجدة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن خزيمة ، والروياني والضياء في المختارة ، والإمام أحمد والثلاثة ، وابن حبان عن بريدة- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الظهر إذا السماء انشقت ونحوها والعصر والسماء والطارق ، والسماء ذات البروج » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم والبيهقي في السنن عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الظهر والعصر والليل إذا يغشى ونحوها» . [ ص: 128 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن أنس - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الهاجرة فرفع صوته ، فقرأ والشمس وضحاها والليل إذا يغشى فقال له أبي بن كعب : يا رسول الله ، أمرت في هذه الصلاة بشيء ؟ قال : «لا ، ولكن أردت أن أوقت لكم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال الصحيح عن أنس ، وابن أبي شيبة ، و مسلم عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الظهر والعصر سبح اسم ربك الأعلى . زاد أنس : و هل أتاك حديث الغاشية .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى عن البراء- رضي الله تعالى عنه- قال : سجدنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الظهر ، فظننا أنه قرأ «تنزيل السجدة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه ، والنسائي عن البراء بن عازب قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا الظهر فنسمع منه الآية بعد الآيات من سورة لقمان والذاريات» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى والطبراني عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر ، فقرأ بالمرسلات ، والنازعات ، وعم يتساءلون ، ونحوها من السور» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند جيد ، عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : «كانت قراءة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تعرف في الظهر والعصر ، بتحريك لحيته» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سجد في صلاة الظهر ، ثم قام فركع ، فرأينا أنه قرأ تنزيل السجدة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله تعالى عنه- «أن [ ص: 129 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم» .

                                                                                                                                                                                                                              العاشر : في قراءته- صلى الله عليه وسلم- في صلاة المغرب .

                                                                                                                                                                                                                              روى الأئمة الخمسة إلا الدارقطني عن أم الفضل بنت الحارث- امرأة العباس- رضي الله تعالى عنهما قال : «سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب والمرسلات عرفا وفي رواية : ثم ما صلى بنا بعدها حتى قبضه الله تعالى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والبخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، عن زيد بن ثابت- رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بطولى الطوليين [المص] ، وفي رواية : الأعراف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري والطبراني برجال الصحيح عن زيد بن ثابت- رضي الله تعالى عنه- قال : «لقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بطولى الطوليين ، قيل : وما الطوليان ؟ قال : الأعراف ، ويونس» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عنه أيضا أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين من المغرب فرقها في الركعتين ، ورواه أيضا أبو أيوب ، برجال الصحيح .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى في المغرب بسورة الأعراف ، وفرقها في الركعتين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأئمة إلا الترمذي ، والدارقطني ، والإسماعيلي ، وسعيد بن منصور عن جبير بن مطعم- رضي الله تعالى عنه- قال : سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالطور . زاد أحمد أنه جاء في فداء أسارى بدر ، زاد الشيخان : وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي . زاد ابن ماجه : فلما بلغ هذه الآية أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون [ ص: 130 ] كاد قلبي يطير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي مرسلا عن عبد الله بن عتبة بن مسعود- رحمه الله تعالى- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ في صلاة المغرب بـ (حم) الدخان ، ورواه أبو يعلى عن عبد الله بن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في المغرب قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- جاء فصلى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بأم الكتاب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ بهم في المغرب الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم [محمد 1] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والطبراني عن عبد الله بن زيد ، والخطيب عن البراء بن عازب- رضي الله تعالى عنهم- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قرأ في المغرب والتين والزيتون .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة - رضي الله تعالى عنه- قال : «آخر صلاة صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المغرب بـ والتين والزيتون .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني من طريق حجاج بن نصير ، عن عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب [ ص: 131 ] - رضي الله تعالى عنه- قال : آخر صلاة صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المغرب فقرأ في الركعة الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون .

                                                                                                                                                                                                                              الحادي عشر في قراءته- صلى الله عليه وسلم- في صلاة العشاء .

                                                                                                                                                                                                                              روى الأئمة إلا الشافعي والدارقطني عن البراء بن عازب - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان في سفر فصلى العشاء الآخرة فقرأ في إحدى الركعتين بـ والتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه- صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والترمذي وحسنه ، والنسائي عن بريدة بن الحصيب- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في العشاء بـ والشمس وضحاها وأشباهها من السورة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرأ في العشاء الآخرة بـ والسماء ذات البروج و والسماء والطارق .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام مالك ، وابن أبي شيبة ، والستة عن البراء بن عازب- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان النبي- صلى الله عليه وسلم- في سفر ، فصلى العشاء ، فقرأ في إحدى الركعتين بـ والتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا ولا قراءة منه .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية