الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والتسعون بعد المائة : وبأن منهم من يصلي إماما بعيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو يعلى ، عن جابر -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "لا تزال أمتي ظاهرين على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم ، فيقول إمامهم : تقدم ، فيقول : أنت أحق بعضكم أمراء على بعض ، أكرم الله هذه الأمة" . رواه مسلم بنحوه ، وفيه : "فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم ، وإمامكم منكم" .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والتسعون بعد المائة : وبأن منهم من يجري مجرى الملائكة في الاستغناء عن الطعام بالتسبيح .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد بسند صحيح ، عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر جهدا يكون بين يدي الدجال ، قالوا : أي المال خير يومئذ ؟ قال : غلام شديد يسقي أهله الماء وأما الطعام فليس" ، قالوا : فما طعام المؤمنين يومئذ ؟ قال : "التسبيح والتكبير والتهليل" .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه من حديث أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- نحوه وفيه : "يجزيهم ما يجزئ أهل السماء من التسبيح والتقديس" . [ ص: 376 ]

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني نحوه ، عن أسماء بنت عميس وفيه : إن الله تعالى يعصم المؤمنين يومئذ بما عصم به الملائكة من التسبيح .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة والتسعون بعد المائة : وبأنهم يقاتلون الدجال .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة والتسعون بعد المائة : وبأن علماءهم كأنبياء بني إسرائيل .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : أي كلما ذهب عالم أتى بعده غيره ، وهو بهذا اللفظ لم يرد كما نبه عليه الحافظ في فتاويه .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة والتسعون بعد المائة : وبأن الملائكة تسمع في السماء أذانهم وتلبيتهم .

                                                                                                                                                                                                                              المائتين : وبأنهم الحمادون لله على كل حال .

                                                                                                                                                                                                                              الواحد بعد المائتين : وبأنهم يكبرون الله على كل شرف .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية بعد المائتين : وبأنهم يسبحون الله عند كل هبوط .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة بعد المائتين : وبأنهم يقولون عند إرادة الأمر أو فعله : إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة بعد المائتين : وبأنهم إذا غضبوا هللوا .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة بعد المائتين : وبأنهم إذا تنازعوا سبحوا .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة بعد المائتين : وبأن ليس أحد منهم إلا مرحوما .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة بعد المائتين : وبأنهم يلبسون أنواع ثياب أهل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة بعد المائتين : وبأنهم يراعون الشمس للصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة بعد المائتين : إذا رأوا أمرا استخاروا الله تعالى فيه ثم مضوا فيه .

                                                                                                                                                                                                                              العاشر بعد المائتين : وبأنهم إذا استووا على ظهور دوابهم حمدوا الله .

                                                                                                                                                                                                                              الحادية عشر بعد المائتين : وبأن مصاحفهم في صدورهم .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية عشر بعد المائتين : وبأن سابقهم سابق ويدخل الجنة بغير حساب .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة عشر بعد المائتين : وبأن مقتصرهم ناج ، ويحاسب حسابا يسيرا .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة عشر بعد المائتين : وبأنه ظالمهم مغفور له .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا [فاطر 32] قال : هم أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ورثهم الله تعالى كل كتاب أنزله ، فظالمهم مغفور له ، ومقتصرهم يحاسب حسابا يسيرا ، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب . [ ص: 377 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى سعيد بن منصور ، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان إذا قرأ هذه الآية قال : ألا إن سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ، وظالمنا مغفور له ، أي الظالم لنفسه كما بين ذلك القرآن ، وأخرجه ابن لال ، عن عمر مرفوعا .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة عشر بعد المائتين : وبأنهم أمة وسط .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة عشر بعد المائتين : وعدول بتزكية الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              قال تبارك وتعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا [البقرة 143] .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة عشر بعد المائتين : وبأن الملائكة تحضرهم إذا قاتلوا .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة عشر بعد المائتين : وبأنهم افترض عليهم ما افترض على الأنبياء والرسل ، وهو الوضوء والغسل من الجنابة والحج والجهاد .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة عشر بعد المائتين : وبأنهم أعطوا من النوافل ما أعطي الأنبياء .

                                                                                                                                                                                                                              العشرون بعد المائتين : وبأن الله تعالى قال في حقهم : وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون [الأعراف 181] وقال في حق غيرهم : ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون [الأعراف 159] .

                                                                                                                                                                                                                              الحادية والعشرون بعد المائتين : وبأنهم نودوا في القرآن بـ يا أيها الذين آمنوا [المائدة 1] ، نوديت الأمم في كتبها "يا أيها المساكين" وشتان ما بين الخطابين .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي حاتم عن خيثمة : ما تقرءون في القرآن يا أيها الذين آمنوا [المائدة 1] ، فإنه في التوراة "يا أيها المساكين" .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية والعشرون بعد المائتين : وبأنه الله تعالى خاطبهم بقوله : فاذكروني أذكركم [البقرة 152] فأمرهم أن يذكروه بغير واسطة ، وخاطب بني إسرائيل بقوله : اذكروا نعمتي [البقرة 40] فإنهم لم يعرفوا الله إلا بالآية ، فأمرهم أن يقصدوا النعم ليصلوا بها إلى ذكر الله المنعم ، نقله الشيخ كمال الدين الدميري شرح المنهاج عن بعض العلماء وهو نفيس .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والعشرون بعد المائتين : وبأنه ما كان مجتمعا في النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأخلاق والمعجزات صار متفرقا في أمته ، بدليل أنه كان معصوما ، وأمته إجماعها معصوم .

                                                                                                                                                                                                                              قال بعضهم : وهذا لما أودع أسراره في أمته ، وخير بين الحياة والممات ، فاختار الموت ، ولم يحصل لموسى ذلك ، وجاء ملك الموت فلطمه ، قاله الزركشي في الخادم .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والعشرون بعد المائتين : وبأنهم أكثر الأمم أيامى ومملوكين . [ ص: 378 ]

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والعشرون بعد المائتين : وبأنهم رحل فيهم من أفاق الناس رواه ابن أبي حاتم عن عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والعشرون بعد المائتين : وبأنه الله أنزل في حقهم والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه [التوبة 100]

                                                                                                                                                                                                                              قال -صلى الله عليه وسلم- : "هذا لأمتي ، وليس بعد الرضى سخط" .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة والعشرون بعد المائتين : وبأنهم سموا أهل القبلة ولم يسم بذلك أحد قبلهم .

                                                                                                                                                                                                                              نقله الجزولي في شرح الرسالة . قلت : وتقدم اختصاصهم بالقبلة .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة والعشرون بعد المائتين : وبأنه الله تعالى لا يجمع عليها سيفين منها وسيفا من عدوها .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود وأحمد عن عوف بن مالك قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : "لن يجمع الله -عز وجل- على هذه الأمة سيفين سيفا منها وسيفا من عدوها" .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة والعشرون بعد المائتين : وبأنه لا يحل في هذه الأمة التجريد .

                                                                                                                                                                                                                              الثلاثون بعد المائتين : الأمد .

                                                                                                                                                                                                                              الواحدة والثلاثون بعد المائتين : ولا الغل

                                                                                                                                                                                                                              الثانية والثلاثون بعد المائتين : ولا الحسد ولا الحقد .

                                                                                                                                                                                                                              روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- والمراد بالتجريد هنا أن لا يتجرد من ثيابه ، والأمد عند إقامة الحد ، بل يضرب قاعدا وعليه ثوبه .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والثلاثون بعد المائتين : وبأنه تجوز شهادتهم على من سواهم ولا عكس .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والثلاثون بعد المائتين : وبأن شرعتهم في غاية الاعتدال ، فإن بدء الشرائع كان على التخفيف ، ولا يعرف في شرع نوح وصالح وإبراهيم تثقيل ، ثم جاء موسى بالتشديد والإثقال ، وجاء عيسى بأثقل من ذلك ، وجاءت شريعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- تنسخ تشديد أهل الكتاب ولا يطلق تسهيل من كان قبلهم وقاله أبو الفرج بن الجوزي .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والثلاثون بعد المائتين : وبأن من أصحابه -صلى الله عليه وسلم- من اهتز له العرش عند موته فرحا بلقائه .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والثلاثون بعد المائتين : وممن حضر جنازته سبعون ألفا من الملائكة لم يطئوا الأرض قبل موته .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والشيخان والنسائي عن جابر ، وأبو نعيم عن سعد بن أبي وقاص . [ ص: 379 ]

                                                                                                                                                                                                                              والبيهقي عن ابن عمر ومعاذ بن رفاعة الزرقي والحسن وسلمة بن أسلم بن حريس ، وأبو نعيم عن الأشعث بن قيس بن سعد عن سعيد بن أبي وقاص وابن سعد عن محمود بن لبيد- رضي الله تعالى عنهم- أن جبريل جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق ، فقال : من هذا العبد الصالح الذي مات ؟ فتحت له أبواب السماء ، واهتز له العرش ، وتبع جنازته سبعون ألف ملك ، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسرعا حتى إنه ليقطع شسع نعلهم ، فما يرجع ويسقط رداؤه فما يلوي عليه أحد على أحد حتى دخل على سعد بن معاذ ، وما في البيت غير سعد ، فوجده قد قبض ، قال سلمة بن أسلم وأومأ إلى أن وقف فوقفت ورددت من ورائه وجلس ساعة ، وقال الأشعث بن قيس قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركبته ، فلما خرج قال له سلمة يا رسول الله ، ما رأيت في البيت أحدا وقد رأيتك تتخطى ، فقال : ما قدرت على مجلس حتى قيض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه ، ودخل ملك فلم يجد مجلسا ، فارتفعت له .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن أبي سعيد قال : كنت أنا ممن حفر لسعد قبره بالبقيع فكان يفوح علينا من المسك ، كلما حفرنا قترة من تراب حتى انتهينا إلى اللحد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن إبراهيم عن محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال : قبض إنسان يومئذ من تراب قبر سعد قبضة فذهب بها ، ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك ، وسبقت قبضة معاوية في غزوة تبوك . [ ص: 380 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية