الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث في نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التداوي بالخمر وغيرها مما يذكر

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه- أن طارق بن سويد الجعفي -رضي الله تعالى عنه- سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر ؟

                                                                                                                                                                                                                              فنهاه أو كره أن يصنعها ، فقال : إنما أصنعها للدواء ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «إنها ليست بدواء ولكنها داء» .


                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى وابن حبان في صحيحه ، والطبراني عن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- قالت : اشتكت ابنة لي فنبذت لها في تور ، فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يغلي فقال : «ما هذا» ؟

                                                                                                                                                                                                                              فقلت : إن ابنة لي اشتكت فنبذت لها هذا ، فقال : «إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم في حرام» .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كل دواء خبيث كالسم ونحوه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم بلفظ : نهى عن الدواء الخبيث؛ يعني السم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن عثمان -رضي الله تعالى عنه- قال : «إن طبيبا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن طارق بن سويد -رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، إن بأرضنا أعنابا نعتصرها فنشرب منها ؟ فقال : «لا» فراجعته فقال : «لا» فقلت : إنا نستشفي بها للمريض ، فقال : «إن ذلك ليس بشفاء ، ولكنه داء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عساكر عن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «من أكل الطين حوسب على ما نقص من لونه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير عن سلمان وابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة- رضي الله [ ص: 122 ] تعالى عنه- والبيهقي وضعفه ، وابن عساكر عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «من أكل الطين» وفي لفظ : «من انهمك في أكل الطين فقد أعان على قتل نفسه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير عن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير عن أم الدرداء -رضي الله تعالى عنها- قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن الله خلق الداء والدواء فتداووا ولا تتداووا بحرام» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن وائل بن حجر -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : [«إنها ليست بدواء ، ولكنها داء» يعني : الخمر] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «من تداوى بخمر لم يجعل الله له فيه شفاء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم في الطب عن علقمة بن وائل عن أبيه أن سويد بن طارق سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر يجعل في الدواء فقال : «إنها داء وليست بالدواء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «من أصابه شيء من هذه الأدواء فلا يفزعن إلى شيء مما حرم الله تعالى ، فإن الله لم يجعل في شيء مما حرم شفاء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن السني وأبو نعيم فيه عن صالح بن خوات عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يؤكل ما حملت النملة بفيها وقوائمها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم في الطب عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اتقوا بيتا يقال له الحمام» ، قالوا : يا رسول الله ، إنه يذهب بالدرن وينفع المريض ، قال : «فمن دخله فليستتر» وفي لفظ : «بئس البيت الحمام» قالوا : يا رسول الله ، إنه يستشفي به المريض ويذهب عنه الوسخ قال : «فإن فعلتم فاستتروا» .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه عن ثعلبة عن سهيل قال : «إن الحمام جيد للتخمة» .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه «نعم البيت الحمام يذهب الوسخ ويذكر النار» وما أحسن ما ذكر في ذلك : [ ص: 123 ]

                                                                                                                                                                                                                              وما أشبه الحمام بالموت لامرئ يذكر لكن أين من يتذكر     يجرد من أهل ومال وملبس
                                                                                                                                                                                                                              ويتبعه من كل ذلك مستر

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عدي في الكامل عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه -عليه الصلاة والسلام- نهى عن أذني القلب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن محمد -رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكره من الشاة سبعا : المرارة والمثانة والحياء والذكر والأنثيين والغدة والدم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن السني عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكره الكليتين؛ لمكانهما من البول .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن صهيب قال : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل الطعام الحار حتى يسكن .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم والترمذي وابن ماجه والبيهقي في الشعب من طريق قتادة عن أنس قال : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الشرب قائما قال : قلت : فالأكل ؟ قال : ذاك أشر ، قال البيهقي : النهي عن الشرب قائما لما فيه من الداء فيما زعم أهل الطب ، وخصوصا لمن كان في أسافله علة يشكوها من برد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى سعيد بن منصور في سننه عن إبراهيم النخعي قال : إنما كره البول تحت الميزاب وفي البالوعة ، وفي الماء الراكد والشرب قائما؛ لأنه إذا حدث عنده داء اشتد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن السني والبيهقي في الشعب عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «مصوا الماء مصا ، ولا تعبوه عبا؛ فإن الكباد من العب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «مصوه مصا ، ولا تعبوه عبا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن معمر عن ابن أبي حسين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : «إذا شرب أحدكم فليمص مصا ، ولا يعب عبا؛ فإن الكباد من العب» . [ ص: 124 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والبيهقي في الشعب أنه -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الشرب من ثلمة القدح ، وأن ينفخ في الشراب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم وصححه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب منه ، ولكن يؤخره ويتنفس» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي قتادة قال : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتنفس في الإناء .

                                                                                                                                                                                                                              [وروى البيهقي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتنفس في الإناء] أو ينفخ فيه .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحليمي : وهذا لأن البخار الذي يرتفع من المعدة أو ينزل من الرأس قد يعلقان بالماء فيضران . انتهى . [ ص: 125 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية