الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قوله الصحابة - رضي الله تعالى عنهم- : «أما السلام عليك فقد عرفناه» أي مما علمهم إياه في التشهد بقوله : «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» فيكون المراد بقولهم : فكيف نصلي عليك ؟ أي بعد التشهد .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ السخاوي : وتفسير السلام بذلك هو الظاهر .

                                                                                                                                                                                                                              وحكى ابن عبد البر ، وعياض وغيرهما احتمالا ، وهو أن المراد به السلام الذي يتحلل به من الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عبد البر : والأول أظهر .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : اختلف في المراد بقولهم : كيف ؟ فقيل : المراد السؤال عن معنى الصلاة المأمور بها في قوله تعالى : صلوا عليه [الأحزاب 56] يحتمل الرحمة والدعاء والتعظيم سألوا فقالوا : بأي لفظ تؤدى ، ورجح الباجي أن السؤال إنما وقع عن صفتها لا عن جنسها .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : وهو أظهر؛ لأن لفظ «كيف» ظاهر في الصفة وأما الجنس ، فيسأل عنه بلفظ «ما» ، وجزم به القرطبي فقال : هذا سؤال من أشكلت عليه كيفية ما فهم أصله ، وذلك أنهم عرفوا المراد بالصلاة ، فسألوا عن الصفة التي يليق بها ليستعملوها . انتهى . [ ص: 437 ]

                                                                                                                                                                                                                              والحامل لهم على ذلك أن السلام لما تقدم بلفظ مخصوص وهو «السلام عليك أيها النبي» ففهموا أن الصلاة تقع أيضا بلفظ مخصوص وعدلوا عن القياس ، لإمكان الوقوف على النص ولا سيما في ألفاظ الأذكار فإنها تجيء خارجة عن القياس غالبا ، فوقع الأمر كما فهموه فإنه علمهم صفة أخرى .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : اختلف في «آله» - عليه الصلاة والسلام- فمذهب الشافعي أنهم بنو هاشم والمطلب .

                                                                                                                                                                                                                              ومذهب مالك : بنو هاشم فقط .

                                                                                                                                                                                                                              وأما آل إبراهيم ، فهم ذريته من إسماعيل وإسحاق ، وإن ثبت أن له أولادا من غير سارة وهاجر؛ فهم داخلون ، والمراد المسلمون منهم بل المتقون ، فيدخل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون دون من عداهم .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : إن قيل : ما وجه التفرقة بين الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- وبين الصلاة على من عطف عليه فإنها واجبة عليه دونهم إذا كان دليل الوجوب «قولوا» فالجواب أن المعتمد في الوجوب إنما هو الأمر الوارد في القرآن بقوله تعالى صلوا عليه ولم يأمر بالصلاة على آله .

                                                                                                                                                                                                                              وأما تعليمه - صلى الله عليه وسلم- فقد بين لهم الواجب ، وزادهم رتبة الكمال على الواجب .

                                                                                                                                                                                                                              وأيضا جوابه- عليه الصلاة والسلام- ورد بزيادات ونقص ، وإنما يحمل على الوجوب القدر المتفق عليه .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : قال الحافظ : اشتهر السؤال عن موقع التشبيه في قوله كما صليت على إبراهيم مع أن المقرر أن المشبه دون المشبه به والواقع هنا عكسه .

                                                                                                                                                                                                                              وأجيب عنه بأنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم ، وتعقب بأنه لو كان كذلك لغير صفة الصلاة عليه بعد أن علم أنه أفضل .

                                                                                                                                                                                                                              وبأنه قال : ذلك تواضعا وشرع لأمته ذلك ليكتسبوا الفضيلة .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة لا للقدر بالقدر ورجح هذا الجواب القرطبي في «المفهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن الكاف للتعليل .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن المراد أن يجعله كإبراهيم في الخلة ، وأن يجعل له لسان صدق [كما جعل [ ص: 438 ] لإبراهيم] مضافا لما حصل له من المحبة .

                                                                                                                                                                                                                              ويرد عليه ما ورد على الأول وبأن قوله : «اللهم ، صل على محمد» مقطوع عن التشبيه فيكون التشبيه متعلقا بآل محمد .

                                                                                                                                                                                                                              وتعقب بأن غير الأنبياء لا يساووا الأنبياء ، فكيف يطلب مساواة الصلاة عليهم .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : ويمكن الجواب عن ذلك بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصفات وبأن التشبيه للمجموع بالمجموع .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : ويعكر عليه ما ورد عن أبي سعيد : «اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم» .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن المراد بالتشبيه النظر إلى ما يحصل لمحمد وآله من صلاة كل فرد من أول التعليم إلى آخر الزمان فيكون أضعاف ما حصل لإبراهيم وآله ، وإلى ذلك أشار ابن العربي بقوله : المراد دوام ذلك واستمراره .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن التشبيه راجع إلى ما يحصل للمصلي من الثواب لا إلى ما يحصل للنبي- صلى الله عليه وسلم- قال الحافظ : وهذا ضعيف؛ لأنه يصير كأنه قال : اللهم أعطني ثوابا على صلاتي على النبي- صلى الله عليه وسلم- كما صليت على إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                              ويمكن أن يجاب بأن المراد مثل ثواب المصلي على إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن كون المشبه به أرفع من المشبه غير مطرد بل قد يكون التشبيه بالمساوي والدون؛ كقوله تعالى : مثل ما ينفقون [البقرة 261] مثل نوره كمشكاة [النور 35] وحسن التشبيه أنه لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم [بالصلاة عليهم] مشهورا واضحا عند جميع الطوائف حسن أن يطلب للنبي- صلى الله عليه وسلم- وآله مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              ويؤيده قوله : «في العالمين» .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن القيم ، بعد أن زيف أكثر الأجوبة إلا تشبيه المجموع بالمجموع : وأحسن منه أن يقال إنه- صلى الله عليه وسلم- من آل إبراهيم عليه الصلاة والسلام [وقد ثبت ذلك عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين [آل عمران 33] قال : محمد من آل إبراهيم] .

                                                                                                                                                                                                                              فكأنه أمرنا بأن نصلي على محمد وآل محمد خصوصا ، بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عموما فيحصل لآله ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له ، وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم قطعا ، ويظهر فائدة التشبيه حينئذ . [ ص: 439 ]

                                                                                                                                                                                                                              ونقل الحافظ عن المجد اللغوي عن بعض أهل الكشف : أن التشبيه لغير اللفظ المشبه به لا لعينه وذلك أن [بقولنا : اللهم ، صل على محمد] اجعل من أتباع محمد من يبلغ النهاية في أمر الدين كالعلماء بشرعه [بتقريرهم أمر الشريعة] كما صليت على آل إبراهيم بأن جعلت في أتباعه أنبياء يقررون الشريعة ، والمراد بقوله «وعلى آل محمد» اجعل من أتباعه ناسا محدثين بالفتح يخبرون بالمغيبات كما صليت على إبراهيم بأن جعلت فيهم أنبياء يخبرون بالمغيبات والمطلوب] حصول صفات الأنبياء لآل محمد ، وهم أتباع له في الدين ، كما كانت حاصلة بسؤال إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : وهو جيد إن سلم بأن المراد بالصلاة هنا ما ادعاه والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : المراد بالبركة في قوله : «وبارك على محمد» الزيادة من الخير والكرامة وقيل : التطهير من العيوب والتزكية .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : المراد ثبوت ذلك واستمراره من قولهم : بركت الإبل أي ثبتت على الأرض ، وبه سميت بركة الماء ، بكسر أوله وسكون ثانيه لإقامة الماء بها .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : ما أنكره ابن العربي علي ابن أبي زيد المالكي من قوله في رسالته : «وارحم محمدا» إن كان من جهة أنه لم يصح فظاهر ، وإن كان من جهة أنه لا يقال : وارحم محمدا فغير مسلم؛ فقد ورد في ذلك عدة أحاديث منها ما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              وأصحها في التشهد «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ : ومنها : حديث ابن عباس : « اللهم ، إني أسألك رحمة من عندك » .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث عائشة « اللهم ، إني أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك » .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث « يا حي يا قيوم ، برحمتك أستغيث » .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث : « اللهم ، أرجو رحمتك » .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث : « إلا أن يتغمدني الله برحمته » .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : أن المراد بالعالمين أصناف الخلق كما رواه أبو مسعود وغيره ، وفيه أقوال أخر .

                                                                                                                                                                                                                              قيل : ما حواه بطن الفلك .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : كل محدث .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : كل ما فيه روح .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : يفيد العقلاء . [ ص: 440 ]

                                                                                                                                                                                                                              التاسع : «الحميد» فعيل من الحمد ، بمعنى محمود ، وأبلغ منه وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : هو بمعنى الحامد؛ أي يحمد أفعال عباده .

                                                                                                                                                                                                                              و «المجيد» من المجد ، وهو صفة الإكرام ، ومناسبة ختم الدعاء بهذين الاسمين العظيمين أن المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه ، وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد له .

                                                                                                                                                                                                                              العاشر : تقدم في بعض الأحاديث «الأعلين» وهو بفتح اللام ، ويظهر أن المراد به الملأ الأعلى وهم الملائكة؛ لأنهم يسكنون السماوات ، والجن هم الملأ الأسفل؛ لأنهم سكان الأرض .

                                                                                                                                                                                                                              و «المصطفون» وهو بفتح الطاء والفاء؛ أي المختارين من أبناء جنسهم .

                                                                                                                                                                                                                              فمن الأنبياء نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى أولو العزم وهو سيدهم .

                                                                                                                                                                                                                              ومن الملائكة كثيرون حملة العرش ، جبريل ، وميكائيل ، ومن شهد بدرا .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : المصطفون هم الذين أعدهم صفوة لصفائهم من الأدناس .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : هم الذين وجدوه وآمنوا به .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : هم أصحابه .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : هم أمته .

                                                                                                                                                                                                                              والمقربون : المراد بهم الملائكة ، وعن ابن عباس : هم حملة العرش وبه جزم البغوي .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : الملائكة الكروبيون عنده الذين حول العرش كجبريل وميكائيل ومن في طبقتهم .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : هم الذين لهم تدبير الأحوال السماوية وهم المعنيون بقوله تعالى : لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون [النساء 172] .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل المقربون سبعة : إسرافيل ، وميكائيل ، وجبريل ، ورضوان ، ومالك ، وروح القدس ، وملك الموت ، عليهم الصلاة والسلام .

                                                                                                                                                                                                                              وأما المقربون من البشر المذكورون في قوله تعالى : والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم [الواقعة 10] فقيل : هم السابقون إلى الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                              وعن مقاتل : السابقون من سبق إلى الأنبياء بالإيمان . [ ص: 441 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : هم الصديقون .

                                                                                                                                                                                                                              الحادي عشر : قوله : «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى» أي الأجر والثواب ، وكنى بذلك عن كثرة الثواب؛ لأن التقدير بالمكيال يكون في الغالب للأشياء الكثيرة ، والتقدير بالميزان يكون دائما للأشياء القليلة وأكد ذلك بقوله : «الأوفى» ، ويحتمل أن يكتال بالمكيال الأوفى الماء من حوض المصطفى ، ويدل لذلك ما ذكره عياض في الشفاء عن الحسن البصري أنه قال : من أراد أن يشرب بالكأس الأوفى من حوض المصطفى فليقل : اللهم ، صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأولاده وأزواجه وذريته وأهل بيته وأصهاره وأنصاره وأشياعه ومحبيه وأمته وعلينا معهم أجمعين يا أرحم الراحمين .

                                                                                                                                                                                                                              قال الإمام أبو زرعة العراقي : والأول أقرب .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني عشر : قال المجد اللغوي : أن كثيرا من الناس يقولون : «اللهم صل على سيدنا محمد» وفي ذلك بحث أما في الصلاة فالظاهر هو أنه لا يقال اتباعا للفظ المأثور ووقوفا عند الخبر الصحيح .

                                                                                                                                                                                                                              وأما في غير الصلاة ، فقد أنكر على من خاطبه بذلك كما في حديث الصحيح وإنكاره يحتمل أن يكون تواضعا منه- صلى الله عليه وسلم- أو كراهة منه أن يحمد ويمدح مشافهة ، أو لأن ذلك كان من تحية الجاهلية أو لمبالغتهم في المدح حيث قالوا : أنت سيدنا ومولانا وأنت والدنا ، وأنت أفضلنا علينا فضلا ، وأنت أطولنا علينا طولا ، وأنت فرد عليهم ، وقال : لا يستهوينكم الشيطان ، وقد صح .

                                                                                                                                                                                                                              قوله- صلى الله عليه وسلم- «أنا سيد ولد آدم» .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله للحسن : «إن ابني هذا سيد»

                                                                                                                                                                                                                              وقوله لسعد : «قوموا إلى سيدكم» .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن مسعود : اللهم ، صل على سيد المرسلين» وكان هذا دلالة واضحة على جواز ذلك ، والمانع يحتاج إلى دليل ، وحديث «لا تسيدوني في الصلاة» لا أصل له .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث عشر : إن قيل : ما الحكمة في قولنا : «اللهم ، صل على سيدنا محمد» والمناسب لأمرنا بالصلاة أن يقول : أصلي على محمد ، قيل : يبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه عليه تعالى؛ لأنه أعلم بما يليق به ، فهو كقوله : «لا أحصي ثناء عليه» قاله ابن أبي جملة : وقيل : لما كان- صلى الله عليه وسلم- طاهرا لا عيب فيه ، ونحن فينا المعايب والنقائص ، ولم يصلح لنا أن نثني عليه ، سألنا الله تعالى أن يصلي عليه ، لتكون الصلاة من رب طاهر على نبي طاهر . قاله المرغيناني من أئمة الحنفية .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع عشر : خص اسمه محمدا دون سائر أسمائه الشريفة؛ لأنه جامع لجميعها ، وهو علم وصفة اجتمع فيه الأمران في حقه- صلى الله عليه وسلم- وإن كان علما محضا في حق كثير ممن تسمى [ ص: 442 ]

                                                                                                                                                                                                                              به غيره ، وهذا شأن أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه وأسماء نبيه ، وهي أعلام دالة على معان ، هي أوصاف فلا يضاد فيها العلمية الوصف بخلاف غيرها من أسماء المخلوقين .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس عشر : فإن قلت : لم خص إبراهيم دون غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟ .

                                                                                                                                                                                                                              أجيب بأنه خص بذلك؛ لأنه منادي الشريعة حيث أمره الله تعالى بقوله : وأذن في الناس بالحج [الحج 27] ومحمد- صلى الله عليه وسلم- كان منادي الدين لقوله تعالى : إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان [آل عمران 193] أو لأمر النبي- صلى الله عليه وسلم- باتباعه ، لا سيما في أركان الحج أو لقوله : واجعل لي لسان صدق في الآخرين [الشعراء 84] أو مكافأة لما فعل حيث دعا لأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- بقوله : ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب [إبراهيم 41] .

                                                                                                                                                                                                                              السادس عشر : قيل : المراد بالمقعد المقرب المقام المحمود وجلوسه على العرش ، والمراد به الوسيلة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الطيبي : إن له- صلى الله عليه وسلم- مقامين مختصين به .

                                                                                                                                                                                                                              أحدهما : مقام حلول الشفاعة والوقوف على يمين الرحمن حيث يغبطه فيه الأولون والآخرون . وثانيهما : مقعده من الجنة ومنزله الذي لا ينزل بعده .

                                                                                                                                                                                                                              السابع عشر : اختلف في أفضلية كيفية الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                              قال البارزي : اللهم ، صل على محمد ، وعلى آل محمد أفضل صلواتك عدد معلوماتك فإنه أبلغ ، فيكون أفضل .

                                                                                                                                                                                                                              وقال القاضي حسين : أن يقول : اللهم ، صل على محمد كما هو أهله ومستحقه .

                                                                                                                                                                                                                              وقال صاحب القاموس في كتابه في الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- عن بعضهم : اللهم ، صل على سيدنا محمد النبي الأمي ، وعلى كل نبي ، وملك ، وولي ، عدد الشفع والوتر وعدد كلمات ربنا التامات المباركات .

                                                                                                                                                                                                                              وقال بعضهم : اللهم ، صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وأزواجه وذريته وسلم عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك . قال الحافظ السخاوي : ومال إليه شيخنا- أي الحافظ ابن حجر- .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : اللهم ، صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كلما ذكره الذاكرون وكلما سها عنه الغافلون . حكاه الرافعي عن إبراهيم المروزي . [ ص: 443 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : اللهم صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك وآله وسلم تسليما ، وزده شرفا وتكريما ، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                              قال الكمال ابن الهمام الحنفي : كل من ذكر من الكيفيات موجود فيها .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد أفضل صلواتك عدد معلوماتك ، قاله الشرف البارزي .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد صلاة دائمة بدوامك . ذكر القاضي مجد الدين الشيرازي اختيارها .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية