الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              التنبيه السابع عشر :

                                                                                                                                                                                                                              قيل : كيف يصلي الأنبياء وهم أموات في الدار الآخرة وليست [ ص: 113 ] دار عمل؟ وأجاب القاضي وتبعه السبكي بجوابين : الأول : إنا نقول : إنهم كالشهداء بل أفضل ، والشهداء أحياء عند ربهم ، فلا يبعد أن يحجوا وأن يصلوا كما ورد في الحديث الآخر ، وأن يتقربوا إلى الله تعالى بما استطاعوا لأنهم وإن كانوا قد توفوا فهم في هذه الدنيا التي هي دار العمل حتى إذا فنيت مدتها ، وتعقبها الآخرة التي هي دار الجزاء انقطع العمل ، وحاصله أن البرزخ ينسحب عليه حكم الدنيا في استكثارهم من الأعمال وزيادة الأجور . الثاني ولفظه للسبكي رحمه الله تعالى : «إنا نقول إن المنقطع في الآخرة إنما هو التكليف ، وقد تحصل الأعمال من غير تكليف على سبيل التلذذ بها والخضوع لله تعالى . ولهذا ورد أنهم يسبحون ويدعون ويقرؤون القرآن وانظر إلى سجود النبي صلى الله عليه وسلم وقت الشفاعة ، أليس ذلك عبادة وعملا؟

                                                                                                                                                                                                                              وعلى كلا الجوابين لا يمتنع حصول هذه الأعمال في مدة البرزخ» .

                                                                                                                                                                                                                              وقد صح عن ثابت البناني التابعي أنه قال : «اللهم إن كنت أعطيت أحدا أن يصلي في قبره فأعطني ذلك» . فرؤي بعد موته يصلي في قبره ، ويكفي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لموسى قائما يصلي في قبره ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء لم يقبضوا حتى خيروا بين البقاء في الدنيا وبين الآخرة فاختاروا الآخرة . ولا شك أنهم لو بقوا في الدنيا لازدادوا من الأعمال الصالحة ثم انتقلوا إلى الجنة ، فلو لم يعلموا أن انتقالهم إلى الله تعالى أفضل لما اختاروه ، ولو كان انتقالهم من هذه الدار يفوت عليهم زيادة فيما يقرب إلى الله تعالى لما اختاروه . انتهى ولهذا مزيد بيان يأتي في باب حياته في قبره صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية