الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1529 - أحمد بن يحيى بن الوزير ، أبو عبد الله .

كان فقيها من جلساء ابن وهب ، وكان عالما بالشعر ، والأدب ، وأيام الناس ، والأنساب ، ولد سنة إحدى وسبعين ومائة .

وتوفي في شوال هذه السنة في الحبس لخراج كان عليه .

1530 - أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح ، أبو طاهر .

كان فقيها . وحدث عن رشدين بن سعد ، وسفيان بن عيينة ، وابن وهب .

توفي في ذي القعدة من هذه السنة ، وكان من الصالحين الأثبات .

1531 - إبراهيم بن محمد ، أبو إسحاق التيمي .

قاضي البصرة ، أشخصه المتوكل إلى بغداد لتوليه القضاء .

[ ص: 37 ]

أخبرنا أبو منصور القزاز [قال:] أخبرنا [أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب قال أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: أشخص إبراهيم بن محمد التيمي ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب [فلما حضرا دار المتوكل أمر بإدخال ابن أبي الشوارب] فلما أدخل عليه قال: إني أريدك للقضاء . فقال: يا أمير المؤمنين لا أصلح له . قال: تأبون يا بني أمية إلا كبرا . فقال: والله يا أمير المؤمنين ما بي كبر ، ولكني لا أصلح للحكم . فأمر بإخراجه وكان هو وإبراهيم التيمي قد تعاقدا على أن لا يتولى أحد منهما القضاء ، فدعي إبراهيم فقال له المتوكل: إني أريدك للقضاء . فقال: على شريطة يا أمير المؤمنين .

قال: وما هي؟ قال: على أن تدعو لي دعوة؛ فإن دعوة الإمام العادل مستجابة .

فولاه . وخرج على ابن أبي الشوارب في الخلع .

حدث إبراهيم عن سفيان بن عيينة ، ويحيى بن سعيد .

وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة [وكان ثقة] .

1532 - الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف ، أبو عمر المصري:

ولد سنة أربع وخمسين ومائة ، وكان ثقة صدوقا فقيها على مذهب مالك ، ورأى [ ص: 38 ] الليث بن سعد ، وكان يجالس برد بن نجيح صاحب مالك بن أنس ، وقعد بعد موت برد في حلقته ، وحمله المأمون مع من حمل من مصر إلى بغداد في محنة القرآن ، فسجن فأقام في السجن إلى أن ولي المتوكل ، فأطلق المسجونين في ذلك ، وأطلقه وولاه قضاء مصر ، فتولاه من سنة سبع وثلاثين إلى سنة خمس وأربعين ، ثم صرف عن ذلك .

وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة ، وصلى عليه أمير مصر ، وكبر [عليه] خمسا .

1533 - نصر بن علي بن نصر بن صهبان بن أبي ، أبو عمرو ، الجهضمي البصري

سمع معتمر بن سليمان ، وسفيان بن عيينة ، وابن مهدي وغيرهم . روى عنه مسلم في صحيحه ، وعبد الله بن أحمد ، والباغندي ، والبغوي ، وكان ثقة . وقدم بغداد فحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين فقال: "من أحبني وأحب هذين وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة" فأمر المتوكل أن يضرب ألف سوط؛ ظنا منه أنه رافضي ، فقال له جعفر بن عبد الواحد: هذا الرجل من أهل السنة فتركه .

أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن فضالة الحافظ ، أخبرنا الحسين بن [ ص: 39 ] جعفر بن محمد [قال:] أخبرنا أحمد بن أبي طلحة ، حدثنا أحمد بن علي السياري ، حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: كان في جيراني رجل طفيلي ، فكنت إذا دعيت إلى مدعاة ركب لركوبي فإذا دخلنا الموضع أكرم من أجلي ، فاتخذ جعفر بن سليمان أمير البصرة دعوة ، فدعيت فيها ، فقلت في نفسي: والله إن جاء هذا الرجل معي لأخزينه .

فلما ركبت ركب لركوبي ودخلت الدار فدخل معي وأكرم من أجلي ، فلما حضرت المائدة قلت: حدثنا درست بن زياد ، عن أبان بن طارق ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فأسقي وأكل حراما" قال: فقال الطفيلي: استحييت لك يا أبا عمرو ، مثلك يتكلم بهذا الكلام على مائدة الأمير ، ثم ما ها هنا أحد إلا وهو يظن أنك رميته بهذا الكلام ، ثم لا تستحي أن تحدث عن درست ودرست كذاب لا يحتج بحديثه عن أبان بن طارق ، وأبان كان صبيان المدينة يلعبون به ، ولكن أين أنت مما حدثنا به أبو عاصم النبيل ، عن ابن جريج ، عن الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الأربعة" . قال نصر بن علي: فكأني ألقمت حجرا ، فلما خرجنا من الدار أنشأ الطفيلي يقول:


ومن ظن ممن يلاقي الحروب بأن لا يصاب لقد ظن عجزا

[أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا محمد بن الحسن الأهوازي قال: سمعت العسكري يقول: سمعت الزينبي -يعني [ ص: 40 ] إبراهيم بن عبد الله- يقول: سمعت نصر بن علي يقول]: دخلت على المتوكل فإذا هو يمدح الرفق فأكثر ، فقلت: يا أمير المؤمنين أنشدني الأصمعي:


لم أر مثل الرفق في لينه     أخرج للعذراء من خدرها
من يستعين بالرفق في أمره     يستخرج الحية من جحرها

فقال: يا غلام ، الدواة والقرطاس ، فكتبهما .

أخبرنا عبد الرحمن [قال]: أخبرنا أحمد بن علي [قال:] أخبرنا أبو عمرو الحسن بن عثمان الواعظ [قال:] أخبرنا جعفر بن محمد بن أحمد الواسطي قال: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: كان المستعين بالله بعث إلى نصر بن علي يشخصه للقضاء ، فدعاه عبد الملك أمير البصرة فأمره بذلك ، فقال: أرجع فأستخير الله ، فرجع إلى بيته نصف النهار ، فصلى ركعتين ، وقال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك . فنام فأنبهوه ، فإذا هو ميت .

توفي نصر في أحد الربيعين من هذه السنة .

1534 - عباد بن يعقوب الرواجي .

سمع الوليد بن أبي ثور ، وعلي بن هاشم ، وغيرهما ، وكان غاليا في التشيع ، وقد أخرج عنه البخاري وربما لم يعلم أنه كان متشيعا .

[توفي في هذه السنة] .

[ ص: 41 ]

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ [قال:] أخبرنا أحمد بن الحسين أبو طاهر الباقلاوي [قال:] أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني قال: حدثني محمد بن المظفر قال: سمعت قاسم بن زكريا المطرز يقول: وردت الكوفة فكتبت عن شيوخها كلهم غير عباد بن يعقوب ، فلما فرغت ممن سواه ، دخلت عليه وكان يمتحن من سمع منه ، فقال لي: من حفر البحر؟ فقلت: الله خلق البحر . فقال: هو كذلك ، ولكن من حفره؟ فقلت: يذكر الشيخ . فقال: حفره علي بن أبي طالب ، ثم قال: ومن أجراه؟ فقلت: الله مجري الأنهار ومنبع العيون . فقال: هو كذلك ، ولكن من أجرى البحر؟ فقلت: يفيدني الشيخ . فقال: أجراه الحسين بن علي .

قال: وكان عباد مكفوفا فرأيت في داره سيفا معلقا وحجفة ، فقلت: أيها الشيخ ، لمن هذا السيف؟ فقال: لي ، أعددته لأقاتل به مع المهدي . فلما فرغت من سماع ما أردت أن أسمعه منه ، وعزمت على الخروج عن البلد دخلت عليه فسألني كما كان يسألني فقال: من حفر البحر؟ قلت: حفره معاوية وأجراه عمرو بن العاص ، ثم وثبت من بين يديه وجعلت أعدو وجعل يصيح: أدركوا الفاسق عدو الله فاقتلوه .

قال المصنف: ومثل هذا جرى لصالح جزرة ، فإنه جاء إلى عبد الله بن عمر بن أبان وكان غاليا في التشيع ، وكان يمتحن من يسمع منه ، فقال له: من حفر بئر زمزم؟ فقال صالح: حفرها معاوية بن أبي سفيان . فقال: من نقل ترابها؟ قال: عمرو بن العاص ، فزبره ودخل منزله .

[ ص: 42 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية