الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الحوادث في سنة أربع عشرة من مولده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

[منها الفجار الأخير ] :

قال مؤلف الكتاب : وكان هذا الفجار بين هوازن وقريش ، وحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وله أربع عشرة سنة ، وقال: كنت أنبل على أعمامي يوم الفجار يعني: كنت أناولهم النبل .

وقد روي: أن هذه الحرب كانت ولرسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون سنة [عن عبد الله بن يزيد الهذلي ] .

وإنما سمي الفجار لأن بني كنانة وهوازن استحلوا الحرم ففجروا .

أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر البزاز قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو طاهر عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا الضحاك بن عثمان قال: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد قال: حدثني الضحاك بن عثمان عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة .

قال: محمد بن عمر : وأخبرنا موسى بن محمد بن عمرو ، أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبيه قال . [ ص: 297 ]

وأخبرنا عبد الله بن يزيد الهذلي ، عن يعقوب بن عتبة الأخنسي قال: وغير هؤلاء أيضا قد حدثني ببعض هذا الحديث قالوا :

كان سبب حرب الفجار أن النعمان بن المنذر بعث بلطيمة له إلى سوق عكاظ [للتجارة] وأجارها له الرحال عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب ، فنزلوا على ماء يقال له: أوارة ، فوثب البراض بن قيس أحد بني بكر بن عبد مناة بن كنانة - وكان خليعا - على عروة فقتله ، وهرب إلى خيبر واستخفى بها ، ولقي بشر بن أبي حازم الأسدي الشاعر فأخبره الخبر ، وأمره أن يعلم ذلك عبد الله بن جدعان ، وهشام بن المغيرة ، وحرب بن أمية ، ونوفل بن معاوية ، [وبلعاء بن قيس] فوافى عكاظ فأخبرهم ، فخرجوا موائلين منكشفين إلى الحرم ، وبلغ قيسا الخبر آخر ذلك اليوم ، فقال أبو براء: ما كنا من قريش إلا في خدعة ، فخرجوا في آثارهم ، فأدركوهم وقد دخلوا الحرم ، فناداهم رجل من بني عامر يقال له: الأدرم بأعلى صوته: إن ميعاد ما بيننا وبينكم هذه الليالي من قابل .

ولم يقم تلك السنة سوق عكاظ فمكثت قريش وغيرها من كنانة وأسد بن خزيمة ، ومن لحق بهم من الأحابيش يتأهبون لهذه الحرب ، ثم حضروا من قابل ورؤساء قريش:

عبد الله بن جدعان ، وهشام بن المغيرة وحرب بن أمية ، وأبو أحيحة سعيد بن العاص ، [ ص: 298 ] وعتبة بن ربيعة ، والعاص بن وائل ، ومعمر بن حبيب الجمحي ، وعكرمة بن عامر ابن هشام ، ويقال: بل أمرهم إلى عبد الله بن جدعان .

وكان في قيس: أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ، وسبيع بن ربيعة ودريد بن الصمة ومسعود بن معتب ، وعوف بن أبي حارثة فهؤلاء الرؤساء .

ويقال: بل أمرهم جميعا إلى أبي براء ، وكانت الراية بيده وهو سوى صفوفهم ، فالتقوا وكانت الدبرة أول النهار لقيس على قريش وكنانة ومن انضوى إليهم ، ثم صارت الدبرة آخر النهار لقريش وكنانة على قيس ، فقتلوهم قتلا ذريعا ، حتى نادى عتبة بن ربيعة يومئذ وإنه لشاب ما كملت له ثلاثون سنة إلى الصلح ، فاصطلحوا على أن عدوا القتلى وودت قريش لقيس ما قتلت ، وانصرفت قريش .

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الفجار فقال: " قد حضرته مع عمومتي ورميت فيه بأسهم وما أحب أني لم أكن فعلت" فكان يوم حضر ابن عشرين سنة .

قال مؤلف الكتاب : هكذا روي لنا ، والأول أصح

التالي السابق


الخدمات العلمية