الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر إلقاء رؤسائهم في القليب

أخبرنا عبد الأول ، قال: أخبرنا الداودي ، قال: أخبرنا الفربري ، قال: أخبرنا البخاري ، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد ، أنه سمع روح بن عبادة ، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، قال: ذكر لنا أنس بن مالك ، عن أبي طلحة : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث ، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال ، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه ، وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته ، حتى قام على شفة الركي ، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: "يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن فلان ، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا" ؟ فقال عمر: يا رسول الله ، ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" . قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله ، توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما .

أخرجاه في الصحيحين . [ ص: 120 ]

وروى ابن إسحاق : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمر [أن] يلقوا في القليب ، أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه أبي حذيفة بن عتبة فإذا هو كئيب قد تغير ، فقال: "يا حذيفة لعلك دخلك من شأن أبيك شيء" قال: لا والله يا نبي الله ، ولكن كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا ، فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام ، فلما رأيت ما أصابه ، وذكرت ما مات عليه من الكفر أحزنني ذلك ، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بما في العسكر فجمع ، فقال من جمعه: هو لنا ، قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل كل امرئ ما أصاب ، وقال الذين قاتلوا: لولا نحن ما أصبتموه [نحن أحق به] ، وقال الذين يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنتم بأحق منا .

قال عبادة بن الصامت : فلما اختلفنا في النفل نزعه الله عز وجل من أيدينا ، فجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين على السواء .

قال ابن حبيب : وتنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار ، وكان لنبيه بن الحجاج ، وغنم جمل أبي جهل ، فكان يغزو عليه وكان يضرب في لقاحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية