الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مطلب : في استحباب تصغير اللقمة : ويحسن تصغير الفتى لقمة الغذا وبعد ابتلاع ثن والمضغ جود ( ويحسن ) بمعنى يندب ويستحب ( تصغير الفتى ) أي كل آكل من ذكر وأنثى صغير وكبير ( لقمة الغذا ) أي لقم ما يتغذى به . قال في الآداب الكبرى يسن أن يصغر اللقم ويجيد المضغ . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه : إلا أن يكون هناك ما هو أهم من إطالة الأكل ، وقال الإمام ابن تيمية : رضي الله عنه على أن هذه المسألة لم أجدها مأثورة ، ولا عن أبي عبد الله رضي الله عنه مذكورة ، لكن فيها مناسبة ، وقال أيضا : نظير هذا ما ذكره الإمام أحمد من استحباب تصغير الأرغفة وذكر بعض أصحابنا استحباب تصغير الكبير وذلك عند الخبز وعند الوضع وعند الأكل انتهى .

قلت : قد يستدل لتصغير الأرغفة بما روى البزار بسند ضعيف والطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا { قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه } قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد أحد رواته : سمعت بعض أهل العلم يفسر هذا قال هذا تصغير الأرغفة .

وفي نهاية ابن الأثير : وحكي عن الأوزاعي أنه تصغير الأرغفة . قال في السيرة الشامية : قال شيخنا أبو الفضل أحمد بن الخطيب رحمه الله : تتبعت هل كانت أقراص خبزه صلى الله عليه وسلم صغارا أم كبارا فلم أجد في ذلك شيئا بعد الفحص ، وأما حديث { صغروا الخبز وأكثروا عدده يبارك لكم فيه } فرواه الديلمي وسنده واه انتهى .

قلت : وذكره الإمام الحافظ ابن الجوزي في الموضوعات ، وقال الحافظ : تتبعت هل كان خبز النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا أو كبيرا فلم أر فيه [ ص: 124 ] شيئا والله تعالى أعلم . قال الإمام ابن الجوزي : ولا يمد يعني الآكل يده إلى الأخرى يعني إلى اللقمة الأخرى حتى يبتلع ما قبلها ، ولذا قال في الآداب : ولا يأكل لقمة حتى يبلع ما قبلها ، وإلى هذا أشار الناظم رحمه الله بقوله : ( وبعد ابتلاع ) اللقمة الأولى ( ثن ) أي تناول لقمة ثانية ولا تبلع الغذاء إلا بعد إجادة المضغ ، ولذا قال : رحمه الله ( والمضغ ) .

قال في القاموس مضغه كمنعه لاكه بسنه ، والمضاغ كسحاب ما يمضغ ( جود ) أي أحكم مضغه وأحسنه حتى يصير جيدا ضد الرديء ، وذلك لما فيه من شرافة النفس ومراعاة المعدة ، والبعد عن الاغتصاص باللقمة مع التأدب مع الجليس إن كان والله ولي الإحسان .

التالي السابق


الخدمات العلمية