الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : اختلف الناس في سجود التلاوة ; فقال مالك والشافعي : ليس بواجب .

                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة : هو واجب ، وهي مسألة مشكلة عول فيها أبو حنيفة على أن مطلق الأمر بالسجود على الوجوب . ولقوله صلى الله عليه وسلم : { أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة }

                                                                                                                                                                                                              والأمر على الوجوب ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها إذا قرأها . وعول علماؤنا على حديث عمر الثابت أن عمر قرأ سجدة وهو على المنبر ، فنزل فسجد فسجد الناس معه . ثم قرأ بها في الجمعة الأخرى ، فتهيأ الناس للسجود ، فقال : على رسلكم ، إن الله لم يكتبها علينا ، إلا أن نشاء . وذلك بحضرة الصحابة أجمعين من المهاجرين والأنصار ، فلم ينكر ذلك عليه أحد ، فثبت الإجماع به في ذلك ; ولهذا حملنا جميع قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله على الندب والترغيب .

                                                                                                                                                                                                              وقوله صلى الله عليه وسلم : { أمر ابن آدم بالسجود ، فسجد فله الجنة } . إخبار عن السجود الواجب ; ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على الاستحباب .

                                                                                                                                                                                                              وقد استوعبنا القول فيها في مسائل الخلاف .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة : لا بد فيها من الطهارة ; لأنها صلاة ، فوجبت فيها الطهارة ، كسجود الصلاة .

                                                                                                                                                                                                              وكذلك التكبير مثله ; فقد روي في الأثر عن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد كبر ، وكذلك إذا رفع كبر }

                                                                                                                                                                                                              واختلف علماؤنا هل فيها تحليل بالسلام أم لا ؟ والصحيح أن فيها تحليلا [ ص: 371 ] بالسلام ] لأنه عبادة لها تكبير ، فكان فيها سلام ، كصلاة الجنازة ، بل أولى ; لأن هذا فعل وصلاة الجنازة قول

                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة : اختلف قول مالك في صلاتها في الأوقات المنهي عنها ; فإحدى الروايتين أنها تصلى فيها ; وبه قال الشافعي .

                                                                                                                                                                                                              الثانية : لا تصلى ; وبه قال أبو حنيفة .

                                                                                                                                                                                                              متعلق القول الأول عموم الأمر بالسجود ، ومتعلق القول الثاني عموم النهي عن الصلوات .

                                                                                                                                                                                                              والقول الثاني أقوى ; لأن الأمر بالسجود عام في الأوقات ، والنهي خاص في الأوقات ، والخاص يقضي على العام .

                                                                                                                                                                                                              وقد روي عن مالك في المدونة أنه يصليها ما لم تصفر الشمس ; وهذا لا وجه له عندي ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية