الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة : لا خلاف أنه يصومه من رآه ، فأما من أخبر به فيلزمه الصوم ; لأن رؤيته قد تكون لمحة ، فلو وقف صوم كل واحد على رؤيته لكان ذلك سببا لإسقاطه ، إذ لا يمكن كل أحد أن يراه وقت طلوعه ، وإن وقت الصلاة الذي يشترك في دركه كل أحد ويمتد أمده يعلم بخبر المؤذن ، فكيف الهلال الذي يخفى أمره ويقصر أمده ، .

                                                                                                                                                                                                              وقد اختلف العلماء في وجه الخبر عنه ; فمنهم من قال : يجزي فيه خبر الواحد كالصلاة قاله أبو ثور ; ومنهم من أجراه مجرى الشهادة في سائر الحقوق قاله مالك ; ومنهم من أجرى أوله مجرى الإخبار وأجرى آخره مجرى الشهادة ، وهو الشافعي ; وهذا تحكم ولا عذر له في الاحتياط للعبادة ، فإنه يحتاط لدخولها كما يحتاط لخروجها ، والاحتياط لدخولها ألا تلزم إلا بيقين .

                                                                                                                                                                                                              وأما أبو ثور فاستظهر بما روي عن ابن عباس قال { : جاء أعرابي إلى رسول الله [ ص: 120 ] صلى الله عليه وسلم فقال : أبصرت الهلال الليلة ، فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ؟ قال : نعم . قال : يا بلال ; أذن في الناس فليصوموا غدا } . خرجه النسائي والترمذي وأبو داود .

                                                                                                                                                                                                              وقال أبو داود : قال ابن عمر رضي الله عنه : { أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيت الهلال ، فصام وأمر الناس بالصيام } ، واعترض بعضهم على خبر ابن عباس أنه روي مرسلا تارة وتارة مسندا ; وهذا مما لا يقدح عندنا في الإخبار ، وبه قال النظام ; لأن الراوي يسنده تارة ويرسله تارة أخرى ، ويسنده رجل ويرسله آخر .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : يحتمل حديث ابن عمر أن يكون رآه غيره قبله ، وهذا تحكم وزيادة على السبب ، ولو كان هذا جائزا لبطل كل خبر بتقدير الزيادة فيه .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : نؤيده بالأدلة ، قلنا : لا دليل ، إنما الصحيح فيه قبول الخبر من العدل ولزوم العمل به .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية