الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : اختلف الناس في هذه الصدقة المأمور بها ; فقيل : هي الفرض ، أمر الله بها هاهنا أمرا مجملا لم يبين فيها المقدار ، ولا المحل ، ولا النصاب ، ولا الحول ; وبين في سورة الأنعام المحل وحده ، ووكل بيان سائر ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورتب الشريعة بالحكمة في العبادات على ثلاثة أنحاء ; منها ما يجب مرة في العمر كالحج ، ومنها ما يجب مرة في الحول كالزكاة ، ومنها ما يجب كل يوم كالصلاة .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : المراد بها التطوع .

                                                                                                                                                                                                              قيل : نزلت في قوم تيب عليهم فرأوا أن من توبتهم أن يتصدقوا ; فأمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية بهذه الأوامر .

                                                                                                                                                                                                              قال ابن عباس : { أتى أبو لبابة وأصحابه حين أطلقوا ، وتيب عليهم بأموالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فقالوا : يا رسول الله ، هذه أموالنا فتصدق بها عنا ، واستغفر لنا . فقال : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا ، فأنزل الله : { خذ من أموالهم صدقة } }

                                                                                                                                                                                                              وكان ذلك مرجعه من غزوة تبوك .

                                                                                                                                                                                                              وأبو لبابة ممن فرط في قريظة ، وفي تخلفه عن غزوة تبوك ، وحين تيب عليه قال : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أتصدق بمالي ، وأهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب .

                                                                                                                                                                                                              { فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يجزيك الثلث } .

                                                                                                                                                                                                              وكذلك { قال كعب بن مالك : يا رسول الله ; إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة [ ص: 579 ] إلى الله وإلى رسوله . قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسك بعض مالك ، فهو خير لك } .

                                                                                                                                                                                                              قال : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر ، ولا نعلم هل هو بقدر ثلث ماله أو أكثر من ذلك أو أقل .

                                                                                                                                                                                                              قال الفقيه الإمام : وهذه الأقوال الثلاثة في معنى الصدقة محتملة .

                                                                                                                                                                                                              والأظهر أنها صدقة الفرض ; لأن التعلق لا يكون إلا بدليل يبين أن هذا مرتبط بما قبله متعلق به ما بعده .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية