الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثانية

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون } .

                                                                                                                                                                                                              فيها أربع مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : من غريب القرآن أن هؤلاء الآيات العشر هي عامة في الرجال والنساء ، كسائر ألفاظ القرآن التي هي محتملة لهم ، فإنها عامة فيهم ، إلا قوله : { والذين هم لفروجهم حافظون } فإنه خطاب للرجال خاصة دون النساء ، بدليل قوله : { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } ، ولا إباحة بين النساء وبين ملك اليمين في الفرج ; وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخر ، كآيات الإحصان عموما وخصوصا ، وغير ذلك من الأدلة .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية :

                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عبد الحكم : سمعت حرملة بن عبد العزيز قال : سألت مالكا عن الرجل يجلد عميرة ، فتلا هذه : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على [ ص: 315 ] أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } .

                                                                                                                                                                                                              وهذا ; لأنهم يكنون عن الذكر بعميرة ، وفيه يقول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                              إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا داء ولا حرج

                                                                                                                                                                                                              ويسميه أهل العراق الاستمناء ، وهو استفعال من المني .

                                                                                                                                                                                                              وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه ، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن ; فجاز عند الحاجة ، أصله الفصد والحجامة .

                                                                                                                                                                                                              وعامة العلماء على تحريمه ، وهو الحق الذي لا ينبغي أن يدان الله إلا به .

                                                                                                                                                                                                              وقال بعض العلماء : إنه كالفاعل بنفسه ، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة ، ويا ليتها لم تقل ، ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : فقد قيل : إنها خير من نكاح الأمة .

                                                                                                                                                                                                              قلنا : نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب العلماء خير من هذا ، وإن كان قد قال به قائل أيضا ، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل عار بالرجل الدنيء ، فكيف بالرجل الكبير ،

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية