الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : قوله تعالى : { أو أكننتم في أنفسكم } يعني : سترتم وأخفيتم في قلوبكم من ذكرهن ، والعزيمة على نكاحهن ; فرفع الله تعالى الحرج في ذلك ; لعلمه بأنه لا بد منه تفضلا منه حين علم أنه لا بد من ذكرهن ، ثم قال تعالى وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة : { ولكن لا تواعدوهن سرا } المعنى قد منعتم التصريح بالنكاح وعقده ، وأذن لكم في التعريض ; فإياكم أن يقع بينكم مواعدة في النكاح ، حين منعتم العقد فيه .

                                                                                                                                                                                                              وقد اختلف العلماء في السر المراد هاهنا على ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : أنه الزنا .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : الجماع .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : التصريح .

                                                                                                                                                                                                              واختار الطبري أنه الزنا ; لقول الأعشى : [ ص: 288 ]

                                                                                                                                                                                                              فلا تقربن جارة إن سرها عليك حرام فانكحن أو تأبدا

                                                                                                                                                                                                              والسر في اللغة يتصرف على معان :

                                                                                                                                                                                                              أحدها : ما تكلم به في سره وأخفى منه ما أضمر .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : سر الوادي أي شطه .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : سر الشيء : خياره .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : أنه الزنا .

                                                                                                                                                                                                              الخامس : أنه الجماع .

                                                                                                                                                                                                              السادس : أنه فرج المرأة .

                                                                                                                                                                                                              السابع : سرر الشهر : ما استسر الهلال فيه من لياليه .

                                                                                                                                                                                                              وهذه الإطلاقات يدخل بعضها على بعض ، ويرجع المعنى إلى الخفاء ، فيعم به تارة ويخص أخرى ، وترى سر الشيء خياره إنما هو لأنه يخفى ويضن به ، وترى أن سر الوادي شطه ; لأنه أشرفه ; لأن حسن الوادي إنما يكون بالجلوس عليه لا فيه ، ومنه سميت السرية لأنها تتخذ للوطء ، إذ الخدم يتخذون للتصرف والوطء ، فسميت المتخذة للوطء سرية من السرور ، ومنه سمي فرج المرأة سرا لأنه موضعه .

                                                                                                                                                                                                              فالمعنى هاهنا : لا تواعدوهن نكاحا ولا وطئا ، فهو الذي حرم عليكم في العدة ، لأنه حرم عليهن النكاح في العدة إلى وقت محرم عليهن ضرب الوعد فيه ; وهذا بين لمن تأمله .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية