الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة : قوله تعالى : { والمحصنات من المؤمنات } قد تقدم ذكر ذلك في سورة النساء ، وبينا اختلاف العلماء واحتمال اللفظ لأن يكون المحصنات من المؤمنات الحرائر والعفائف . وقد روي عن عمر في ذلك روايات كثيرة في قصص مختلفة ; منها أن امرأة من همدان يقال لها نبيشة بغت ، فأرادت أن تذبح نفسها فأدركوها فقدوها ، فذكروه أيضا لعمر بن الخطاب فقال : " انكحوها نكاح الحرة العفيفة المسلمة " . وقال الشعبي : " إحصانها أن تغتسل من الجنابة وتحصن فرجها من الزنا " .

                                                                                                                                                                                                              وسئل ابن عباس عن هذه النازلة فقال : من نساء أهل الكتاب من يحل لنا ، ومنهم من لا يحل لنا ، ثم تلا : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } إلى قوله : { حتى يعطوا الجزية عن يد } . قال : فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤهم ، ومن لم يعط لم يحل لنا نساؤه . ومن هاهنا يخرج أن نكاح إماء أهل الكتاب لا يجوز لأنهن لا جزية عليهن . [ ص: 46 ] فإن قيل : وكذلك الحرائر . قلنا : حلوا بدليل آخر . وقيل : عنى بذلك نساء بني إسرائيل دون سائر الأمم الذين دانوا بدين بني إسرائيل . والصحيح أنهم داخلون معهم في ذبائحهم ونكاحهم لقوله : فإنه منهم .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : فما المراد بقوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد } هل المراد بذلك نفس الإعطاء والالتزام ، أو يكون المراد من تقبل منهم الجزية ؟ قلنا : أما مذهب ابن عباس فلقد تلوته عليكم .

                                                                                                                                                                                                              وأما سائر العلماء فيقولون : إنما المراد من تقبل منه الجزية ; لقوله تعالى : { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } . وذكر الجزية إنما هو في القتال لا في النكاح ، إلا أن العلماء كرهوا نكاح الحربية لئلا يولد له فيهم فيتنصروا وتجري عليهم أحكامهم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية