الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الموفية عشرين : قوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم }

                                                                                                                                                                                                              قال علماؤنا : يقيم المتلف رجلين عدلين فقيهين بما يحتاج إليه في ذلك ، فينظران فيما أصاب ، ويحكمان عليه بما رأياه في ذلك ، فما حكما عليه لزمه .

                                                                                                                                                                                                              والذي عندي أنه إن كان الإمام حاضرا أو نائبه أنه يكون الحكم إليه ، وإن لم يكن حاضرا أقام حينئذ المتلف من يحكم عليه . وهذا دليل على التحكيم ، وهي :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الحادية والعشرون : وقد تقدم الذكر فيه ، ولأجله قال علماؤنا : إنه يجوز حكمهما بغير إذن الإمام ; وذلك عندي صحيح ; إذ يتعذر أمره . وقد روى جرير بن عبد الله البجلي قال : أصبت صيدا ، وأنا محرم ، فأتيت عمر بن الخطاب ، فأخبرته ، فقال : " ائت رجلين من أصحابك فليحكما عليك " فأتيت عبد الرحمن بن عوف وسعدا ، فحكما علي بتيس أعفر . وهو أيضا دليل على أنه يجوز أن يتولى فصل القضاء رجلان ، وقد منعته الجهلة ; لأن اختلاف اجتهادهما يوجب توقف الأحكام بينهما ، وقد بعث صلى الله عليه وسلم معاذا وأبا موسى إلى اليمن ، كل واحد على مخلاف ، وبعث أنيسا إلى المرأة المرجومة ، ولم [ ص: 186 ] يأت الاشتراك في الحكم إلا في هذه النازلة ; لأجل أنها عبادة لا خصومة فيها ، فإن اتفقا لزم الحكم كما تقدم . وإن اختلفا نظر في غيرهما .

                                                                                                                                                                                                              وقال محمد بن المواز : ولا يأخذ بأرفع قولهما ; يريد لأنه عمل بغير تحكيم ، وكذلك لا ينتقل عن المثل الخلقي ، إذا حكما به ، إلى الطعام ; لأنه أمر قد لزم قاله ابن شعبان ; وقال ابن القاسم : إن أمرهما أن يحكما بالجزاء من المثل ففعلا ، فأراد أن ينتقل إلى الطعام جاز .

                                                                                                                                                                                                              وفي هذه الرواية تجاوز من وجهين : أحدهما : قوله : إن أمرهما أن يحكما بالمثل ، وليس الأمر إليه ، وإنما يحكمهما . ثم ينظران في القضية ، فما أدى إليه اجتهادهما لزمه ، ولا يجوز له أن ينتقل عنه . وهو الثاني لأنه نقض لحكمهما ; وذلك لا يجوز لالتزامه لحكمهما .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية