الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب تطييب بدن الميت وكفنه إلا المحرم

                                                                                                                                            1398 - ( عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا } رواه أحمد ) .

                                                                                                                                            1399 - ( وعن ابن عباس قال { : بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه ، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبيا } . رواه الجماعة . والنسائي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اغسلوا المحرم في ثوبيه اللذين أحرم فيهما واغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة محرما } )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث جابر أخرجه أيضا البيهقي والبزار ، قيل : ورجاله رجال الصحيح . وأخرج نحوه أحمد بن حنبل أيضا عن جابر مرفوعا بلفظ : { إذا أجمرتم الميت فأوتروا } . قوله : ( إذا أجمرتم الميت ) أي بخرتموه ، وفيه استحباب تبخير الميت ثلاثا . قوله : ( بينما رجل ) قال في الفتح : لم أقف في شيء من الطرق على تسمية المحرم المذكور ، ووهم بعض المتأخرين فزعم أن اسمه واقد بن عبد الله ، وعزاه إلى ابن قتيبة في ترجمة عمر من كتاب المغازي . وسبب الوهم أن ابن قتيبة لما ذكر ترجمة عمر ذكر أولاده ، ومنهم عبد الله بن عمر ، ثم ذكر أولاد عبد الله فذكر فيهم واقد بن عبد الله بن عمر ، فقال : وقع عن بعيره [ ص: 51 ] وهو محرم فهلك ، فظن هذا المتأخر أن لواقد بن عبد الله صحبة وأنه صاحب القصة التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وليس كما ظن ، فإن واقدا المذكور لا صحبة له ، فإن أمه صفية بنت أبي عبيد ، وإنما تزوجها أبوه في خلافة عمر ، وفي الصحابة أيضا واقد بن عبد الله آخر ، ولكنه مات في خلافة عمر كما ذكر ابن سعد

                                                                                                                                            قوله : ( فوقصته ) بفتح الواو بعدها قاف ثم صاد مهملة . وفي رواية للبخاري " فأقصعته " وفي أخرى له " أقصعته " وفي له أيضا " أوقصته " والوقص : الكسر كما في القاموس ، والقصع : الهشم ، وقيل : هو خاص بكسر العظم . قال الحافظ : ولو سلم فلا مانع أن يستعار لكسر الرقبة ; والقعص : القتل في الحال ، ومنه قعاص الغنم : وهو موتها كذا في الفتح . قوله : ( اغسلوه بماء وسدر ) فيه دليل على وجوب الغسل بالماء والسدر ، وقد تقدم الكلام على ذلك . قوله : ( وكفنوه في ثوبيه ) فيه أنه يكفن المحرم في ثيابه التي مات فيها

                                                                                                                                            وقيل : إنما اقتصر على تكفينه في ثوبيه لكونه مات فيهما وهو متلبس بتلك العبادة الفاضلة . ويحتمل أنه لم يجد غيرهما . قوله : ( ولا تحنطوه ) هو من الحنوط بالمهملة وهو الطيب الذي يوضع للميت . قوله : ( ولا تخمروا رأسه ) أي لا تغطوه وفيه دليل على بقاء حكم الإحرام ، وكذلك قوله : " ولا تحنطوه " وأصرح من ذلك التعليل بقوله : { فإن الله يوم القيامة يبعثه ملبيا } وقوله في الرواية الأخرى : { فإنه يبعث يوم القيامة محرما } وخالف في ذلك المالكية والحنفية وقالوا : إن قصة هذا الرجل واقعة عين لا عموم لها فتختص به . وأجيب بأن الحديث ظاهر في أن العلة هي كونه في النسك وهي عامة في كل محرم . والأصل أن كل ما ثبت لواحد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت لغيره حتى يثبت التخصيص

                                                                                                                                            وما أحسن ما اعتذر به الداودي عن مالك فقال : إنه لم يبلغه الحديث . قوله : ( ولا تمسوه ) بضم أوله وكسر الميم من أمس . قال ابن المنذر : وفي الحديث إباحة غسل المحرم الحي بالسدر خلافا لمن كرهه ، وأن الوتر في الكفن ليس بشرط ، وأن الكفن من رأس المال لأمره صلى الله عليه وسلم بتكفينه في ثوبيه ، ولم يستفصل هل عليه دين مستغرق أم لا ؟ وفيه استحباب تكفين المحرم في إحرامه ، وأن إحرامه باق ، وأنه لا يكفن في المحنط كما تقدم ، وأنه يجوز التكفين في الثياب الملبوسة ، وأن الإحرام يتعلق بالرأس




                                                                                                                                            الخدمات العلمية